الأول : إنه لو حصل الرجحان لا لمرجح ، لكان قد ترجح الممكن لا لمرجح ، وهو محال.
والثاني : إنا لما جربنا أنفسنا ، وجدنا أنه لم يحصل في القلب ، ميل إلى أحد الجانبين [لم يرجح ذلك الطرف على الجانب الآخر ، ومتى كان الميل إلى الحركة إلى الجانبين] (١) على التساوي ، لم يصدر الفعل البتة عن الإنسان ، بل يبقى متوقفا في موضعه الذي هو فيه ساكنا متحيرا ، إلى أن يظهر المرجح. فحينئذ يحصل الرجحان. فظهر بما ذكرنا : أن القول بحصول رجحان أحد طرفي الجائز على الآخر لا لمرجح قول باطل.
وأما القسم الثاني : وهو أنه لا بد في حصول هذا الرجحان من مرجح. فنقول : إذا حصلت المرجحات بأسرها. وهي القدرة التامة ، والإرادة الجازمة الخالية عن الفتور (٢) وحصل الوقت والآلة والمصلحة ، وزالت الموانع بأسرها ، فمع حصول هذه المرجحات ، إما أن يكون الترك ممكنا ، أو غير ممكن. فإن كان ممكنا فمع حصول هذه المرجحات ، لا يمتنع أن يحصل الفعل تارة ، والترك أخرى ، فاختصاص أحد الوقتين بالفعل ، والوقت الآخر بالترك ، إما أن يتوقف على مرجح ، أو لا يتوقف. فإن كان الأول لم يكن الحاصل قبل انضمام هذا المرجح إليه [مرجحا تاما. لكنا فرضناه كذلك. هذا خلف. وأيضا : فعند انضمام هذا المرجح إليه (٣) [إما أن يكون حصول الفعل واجبا ، أو لا يكون. فإن لم يكن واجبا عاد التقسيم الأول فيه ، وافتقر إلى مرجح (٤) آخر ، ولزم التسلسل ، وهو محال. وإن لم يتوقف على مرجح فقد حصل الممكن المتساوي لا لمرجح ، وهو محال. ولما بطلت هذه الأقسام ، ثبت : أن الفعل واجب الحصول عند حصول كل المرجحات ، وممتنع الحصول عند اختلال قيد من القيود المعتبرة في حصول ذلك الرجحان. وإذا ثبت هذا ، فنقول : القادر
__________________
(١) من (ط ، س)
(٢) القيود (ت)
(٣) من (ط ، س)
(٤) المرجح (ت)