فيلزمكم نفي الموجب ، كما ألزمتم نفي القادر ، وذلك يقتضي نفي المؤثر على الإطلاق ، [وإنه باطل (١)] ثم نقول : لم لا يجوز أن يقال : القادر إنما يقدر على الفعل قبل وجوده ، بمعنى : أنه حال عدم الفعل يقدر على أن يوجد الفعل في الزمان الثاني منه؟
والجواب عن السؤال الأول : أن نقول : العلة الموجبة لوجود المعلول ، تكون موجودة حال وجود المعلول ، وذلك لا امتناع فيه. أما القادر بمعنى كونه متمكنا من الفعل والترك ، فإنه يمتنع أن يكون قادرا على الفعل حال وجود الفعل. لأنّا بينا : أن التمكن من الترك مشروط ، بما إذا كان الترك في نفسه ممكنا ، لكن عدم الفعل حال حدوثه : محال. لأن الفعل حال حدوثه : موجود. ووجوده في تلك الحالة (٢) ينافي عدمه في تلك الحالة. وإلا لزم كونه موجودا ومعدوما معا ، وهو محال. فيثبت : أن كون القادر متمكنا من الفعل ومن الترك ، حال وجود ذلك الفعل محال ، أما كون المؤثر الموجب مؤثرا في وجود ذلك الأثر [حال وجود ذلك الأثر (٣)] ليس بمحال. فظهر الفرق.
[وأما (٤)] الجواب عن السؤال الثاني : فهو أن نقول : إذا قلنا : القادر حال عدم الفعل ، يقدر على أن يوجده في الزمان الثاني ، فهذا الكلام يحتمل وجهين :
الأول : أن [يقال (٥)] القادر حال عدم الفعل ، يقدر على إيجاد ذلك [الفعل في ذلك (٦)] الوقت ، الذي هو وقت عدمه.
والثاني : أن يقال : إن القادر في حال عدم الفعل ، يقدر على إيجاد ذلك الفعل في الزمان الثاني منه ، والأول باطل ، لأن وجود الفعل حال عدمه ممتنع
__________________
(١) من (ت)
(٢) من (ط ، س)
(٣) أما (ت)
(٤) من (ط)
(٥) من (ط ، س)
(٦) من (ط ، س)