الحجة الأولى : لو كان قادرا على الفعل بمعنى كونه ممكنا من الفعل والترك على سبيل الصحة ، لكان إما أن يكون قادرا على الفعل حال بقاء الفعل ، أو حال حدوثه ، أو حال عدمه. والأقسام الثلاثة باطلة ، فكان القول بثبوت القادرية على هذا التفسير باطلا. أما صحة الحصر في الأقسام الثلاثة فبديهية. وإنما قلنا : إنه يمتنع كونه قادرا ، حال بقاء الفعل. وذلك لأنه يقتضي إيجاد الموجود وتحصيل الحاصل. وهو محال. وإنما قلنا : إنه يمتنع كونه قادرا على الفعل حال حصوله (١) وذلك لأن المراد من هذه القادرية الممكنة من الفعل بدلا عن الترك ، ومن الترك بدلا عن الفعل. وحصول هذه الممكنة (٢) حال حدوث الفعل : محال. لأن حال حدوث الفعل يمتنع كونه معدوما ، وإلا لزم حصول الوجود والعدم دفعة واحدة ، وهو محال. وإذا (٣) كان عدم الفعل حال حدوث ذلك الفعل محالا ، امتنع [حصول المكنة (٤)] من ترك الفعل ، حال حدوث الفعل. لأن الممكنة من الترك مشروط بكون ذلك الترك ممكنا في نفسه ، لما قلنا (٥) : إن حصول الترك : محال ، حال [حصول الفعل (٦)] كانت (٧) المكنة من الترك محالا حال حصول الفعل ، وإنما قلنا : إنه يمتنع أن يكون قادرا على الفعل قبل حدوث الفعل. وذلك [لأن (٨)] حال عدم الفعل يكون وجوده محالا. وإن كان وجوده محالا ، كانت القدرة على إيجاده في ذلك الوقت أيضا محالا. فثبت : أن القدرة على الفعل والترك ، يمتنع حصولها في هذه الأحوال الثلاثة ، فوجب أن يكون القول بحصول هذه القدرة محالا. فإن قيل : فهذا الذي ذكرتم في إبطال القادرية (٩) : وارد بعينه في الموجب.
__________________
(١) حصول الفعل (ط)
(٢) المكنة (ط)
(٣) وإن (ط)
(٤) من (س)
(٥) ولما بينا (س)
(٦) حصوله (ط)
(٧) كان (ط)
(٨) من (س ، ط)
(٩) القادر (ط ، س)