قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

المطالب العالية من العلم الإلهي [ ج ٣ ]

350/363
*

(محبوب) (١) ، لا جرم كان الإحسان مما يميل الطبع (والعقل إليه) (٢). وما يقوي هذا : أن قتل (٣) الملك الكبير : قبيح في حق أوليائه ، حسن في حق أعدائه ، وذلك لأن قتله سبب لزوال النعم عن أوليائه ، فلا جرم هو قبيح عندهم ، وهو سبب لزوال الآفات والمخافات عن أعدائه (٤) ، فلا جرم حكموا عليه بالحسن. وأما الصورة التي فرضوها وهي : إذا عبر رجل ينكر الله ، وينكر النبوة ، وينكر المعاد في مفازة خالية على أعمى مشرف على الهلاك فإن طبعه يحمله على الإحسان إليه ، فالسبب فيه أمران :

الأول : إن الحكم بالإحسان سبب لفتح (٥) باب الخيرات ولحصول اللذات فصار الإحسان مطلوبا نظرا إلى هذا الاعتبار والثاني : إن طبيعة الإنسان مجبولة على المحاكاة بمعنى أن كل ما يراه في الغير فإنه يفرض مثله في حق نفسه ، فإذا رأى مريضا واقعا في أنواع عظيمة من البلاء ، فإنه يقول في خياله : لو وقعت هذه الواقعة لي ، كيف يكون الحال؟ فحينئذ يتألم قلبه ، وهذا هو المراد من الرقة الجنسية.

ثم بتقدير وقوعه في ذلك البلاء ، فإنه يستحسن إقدام الغير على تخليصه منه ، وبهذا الطريق يحكم خياله بأنه لما وقع ذلك الإنسان في البلاء ، وجب عليّ أن أسعى في تخليصه منه.

هذا إذا كان الإنسان خلق رقيق الطبع ، لطيف المزاج. وقد يكون الإنسان غليظ القلب ، قاسي النفس ، لا تميل طبعه البتة إلى الرحمة.

ولقد رأيت واحدا من أكابر الملوك ، كان في غاية القسوة ، وما كانت لذته

__________________

(١) زيادة.

(٢) من (س).

(٣) اقتبسها من أن التعزير ـ في الفقه الإسلامي ـ يختلف بحسب مقامات الرجال ، وتفاوتهم في المروءات.

(٤) أوليائه (ت).

(٥) بسبب (س).