فالجواب (١) :
أما جواب الوجه الأول : وهو الذي عليه تعويل المعتزلة. وهو ضعيف. فبيانه من وجوه :
الأول : إنه ليس من شرط كون الفعل موجبا لاستحقاق التعظيم (كونه شاقا) (٢) بدليل : إن ثواب الأنبياء ـ عليهمالسلام ـ أعظم من ثواب آحاد الأمة. وإن كانوا قد تحملوا من العناء فوق ما تحمله الرسول المعصوم. إذا ثبت هذا فنقول : إن كان المقصود هو ما ذكرتم من استحقاق التعظيم فكان من حقه تعالى أن يكلفهم بالتكاليف السهلة الهينة. وأن يزيد في تقوية أبدانهم ، حتى أنهم إذا أتوا بها سهل ذلك عليهم ، وحصلت لهم المنفعة التي ذكرتموها وهي استحقاق التعظيم.
الوجه الثاني في الجواب : إن المقصود من التعظيم حصول السرور في القلب ولا نوع من أنواع السرور إلا ويحسن من الله أن يخلقه في قلب العبد بدون واسطة هذه التكاليف.
الوجه الثالث في إبطال هذا الكلام : إن عند حصول التكليف يحصل احتمالان فإنه إن أطاع حصل له استحقاق التعظيم ، وإن لم يطع وقع في العذاب العظيم والعناء الشديد ، فهذا التكليف دائر بين هذين الاحتمالين. ومن المعلوم أن حصول التعظيم ليس من الأمور الضرورية فإن الرجل إذا حصلت له المنافع الخالية عن التعظيم ، بقي سليما عن الآفات ، منتفعا بالخيرات. فحصول التعظيم من المطالب الزائدة. أما اذا لم يأت به وقع في العذاب العظيم. ومعلوم أن السعي في دفع العذاب العظيم أولى من السعي في تحصيل منفعة زائدة ، ولا حاجة إلى حصولهما في شيء من الأوقات. فيثبت بما ذكرنا : أنه لو كان حكم العقل في التحسين والتقبيح في أفعال (٣) الله وأحكامه
__________________
(١) جواب الوجوه الثلاثة التي أولها : إن تعظيم.
(٢) من (س).
(٣) في حق الله (س).