الشاهد ، كالعليم من العالم ، والقدير من القادر ، وفي تفسيره وجوه : الأول : إنه العالم. قال تعالى : (عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ) (١) و «الغيب» عبارة عما يظن و «الشهادة» عما ظهر. فإذا اعتبر العلم مطلقا فهو العليم ، وإذا أضيف إلى الغيب والأمور الباطنية فهو الخبير. وإذا اضيف إلى الأمور الظاهرة فهو الشهيد. الثاني : إن الشاهد والشهيد هو الحاضر المشاهد. قال تعالى : (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ) (٢) أي فمن حضر. وهذا الحضور إن كان بالعلم فهو الوجه الأول. وإن كان بالرؤية والإبصار كان وجها ثانيا. الثالث: الشهيد والشاهد ، هو الذي يثبت به الأمر المتنازع فيه بين الخصمين ، فكونه شهيدا معناه : أنه تعالى بيّن حقائق الأشياء ، وأظهرها ، ومن جملتها أنه بين توحيده وعدله وصفات جلاله بنصب الدلائل ، ووضع البينات ، ومنه قوله : (شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) (٣) والرابع : إنه تعالى شهيد بمعنى المشهود له. وذلك لأن العباد يشهدون له بالوحدانية ، ويقرون له بالعبودية.
الاسم الخامس : الحفيظ قال تعالى : (وَلا يَؤُدُهُ حِفْظُهُما) (٤) وقال تعالى : (فَاللهُ خَيْرٌ حافِظاً) (٥) وقال : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ ، وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ) (٦) واعلم أن الحفيظ مبالغة من الحافظ كالعليم من العالم.
وللحفيظ معنيان : أحدهما : ضد النسيان والسهو ، ويرجع معناه إلى العلم فهو تعالى حفيظ للأشياء بمعنى كونه تعالى عالما بجملها وتفاصيلها ، علما لا يتبدل بالسهو والنسيان. والثاني : الحفيظ. هو الذي ضده التضييع ، فهو سبحانه حافظ السموات والأرضين. قال تعالى : (وَلا يَؤُدُهُ حِفْظُهُما) (٧)
__________________
(١) الرعد (٩).
(٢) البقرة (١٨٥).
(٣) آل عمران (١٨).
(٤) البقرة (٢٥٥).
(٥) يوسف (٦٤).
(٦) الحجر (٩).
(٧) البقرة (٢٥٥).