نقص. وذلك محال على الله. فيقال لكم : وهل النزاع وقع إلا فيه؟ وهو أن حصول هاتين الصفتين. هل هو واجب أم لا؟ وعدمهما هل هو ممتنع أم لا؟ وإذا كان حاصل دليلكم يرجع إلى عدم هاتين الصفتين محال في حق الله تعالى ، كان هذا إعادة لنفس الدعوى. ومعلوم أنه باطل. وإن ادعيتم أن الصمم معنى وجودي يضاد السماع ، وأن العمى معنى وجودي يضاد الإبصار ، فكل ذلك ممنوع. وما الدليل على صحته؟
السؤال الرابع : سلمنا كون الصمم والعمى معنيين وجوديين مضادين للسمع والبصر. فلم قلتم : إن الذات القابلة للضدين يجب اتصافها بأحدهما؟ وما الدليل على صحة هذه
المقدمة؟ ثم نقول : الذي يدل على فساده : أن الأجسام بأسرها متساوية (فتكون متساوية) (١) في قبول الصفات. فجسم الهواء قابل للطعوم المختلفة والألوان المختلفة ، مع أنه غير موصوف بشيء منها ، وكذلك الواحد منا ، يصح أن يكون موصوفا بالإرادة والكراهية. ثم إنا نعلم أفعال أهل السوقة ، مع أنا لا نريدها ولا نكرهها.
السؤال الخامس : قولكم الصمم والعمى نقص. فما المراد من النقص؟ فإن عنيتم بالنقص حصول أمر يمنع من كونه تعالى فاعلا للعالم وخالقا له. فلم قلتم : إن حصول هاتين الصفتين يمنع من كونه تعالى خالقا للعالم (وفاعلا للعالم؟) (٢) وإن عنيتم به معنى آخر. فلا بد من بيانه.
السؤال السادس : ما الدليل على أن النقص على الله محال؟ ثم هاهنا منهم من ادعى البديهة فيه ، ومنهم من عول على الدلائل السمعية. أما الأول فنقول : إن صح ادعاء البديهة فيه. فههنا طريق آخر أقرب منه : وهو أن يقال : الحيّ الذي يكون سميعا بصيرا كامل والذي لا يكون كذلك ناقص والبديهة حاكمة بأنه يجب وصف الله بصفة الكمال ، لا بصفة النقصان ،
__________________
(١) من (م).
(٢) من (س).