والشعور صورة مساوية لماهية السماء على سبيل التمام والكمال ، لزم كون هذه الصورة الذهنية : سماء ، ومعلوم بالضرورة : أن هذا باطل. لأن هذه الصورة الذهنية عرض لا يحس ولا يلمس.
والسماء جسم عظيم موصوف بالصفات المعلومة ، وكون هذه الصورة الذهنية مخالفة لجوهر السماء في الماهية أمر معلوم بالضرورة.
الوجه الرابع : إن حاصل كلامكم هو أنه إذا كانت الصورة العقلية من ذات الله تعالى لا يمتنع عليها مقارنة سائر الصور (وجب أن لا يمتنع على ذات الله مقارنة سائر الصور) (١) لأن حكم الشيء يجب أن يكون مساويا لحكم مثله. فنقول : فعلى هذا لما صح في تلك الصورة العقلية ، أن يكون محتاجا إلى ذلك المحل ، (وجب أن يصح على ذات الله تعالى ، مقارنة سائر الصور ، لأن حكم الشيء يجب أن يكون مساويا لحكم مثله. فنقول : فعلى هذا لما صح في تلك الصورة العقلية أن تكون محتاجة إلى ذلك المحل ، وجب أن يصح على ذات الله تعالى أن تكون محتاجة إلى ذلك المحل) (٢) وأن يكون حالا فيه. وإذا لم يلزم من التماثل المذكور هذا ، فكذلك لا يلزم ما ذكرتم.
الوجه الخامس : إنه لما كانت الصور الذهنية مساوية في تمام الماهية للذوات الخارجية ، وثبت أن كل ما صح على الشيء ، صح على مثله ، فلما كانت هذه الذوات الخارجية يصح عليها أن تكون عالمة بالأشياء وجب أن يصح على هذه الصورة الذهنية حال كونها ذهنية أن تكون عالمة بالأشياء ، ولما لم يلزم ذلك من التماثل المذكور ، فكذلك لا يلزم ما ذكروه. والله أعلم.
السؤال الثامن : سلمنا أن الذات (٣) عند كونها موجودة في خارج الذهن ، يصح عليها أن تقارنها سائر الصور. لكن لم قلتم : إنه يلزم من هذا القدر صحة كون تلك الذات عالمة؟ وبيانه : أنه لو كان العلم نفس هذه
__________________
(١) من (م ، س).
(٢) من (س).
(٣) الذات (م)