الآخر ، إلا المرجح. وإذا أثبتم أن نسبة حدوث العالم إلى جميع الأوقات على التسوية ، ونسبة حصول العالم إلى جميع الأحياز على التسوية ، فكما يمتنع وقوع بعض تلك الجائزات دون بعض بالموجب ، فكذلك يمتنع وقوعه بالقادر. فيثبت أن هذا الإشكال مشترك. والله أعلم ...
وأما الحجة الثالثة : فالجواب عنها : أن الأقرب أنه لا يمتنع كون الشيء الواحد علة لأشياء كثيرة ، والدلائل التي يذكرها الفلاسفة في تقرير هذا الأصل ضعيفة جدا. وهذا هو الوجه المتحقق المعتمد.
وأما الفلاسفة. فإنهم لما سلّموا هذا الأصل ، لا جرم ذكروا طريقة في كيفية ترتيب الوجود. وقد سلف إبطالها.
وأما الحجة الرابعة : فالجواب عنها : أنا بينا : أن القادر لا يمكنه ترجيح أحد المثلين على الآخر ، إلا لداعية مرجحة ، وبينا : أن القدرة مع الداعي يكون مجموعها موجبا تاما لوجود الفعل. وإذا كان الأمر كذلك ، فحينئذ كل ما أوردتموه على القائلين بالموجب ، فهو لازم على القائلين بالمختار.
وأما الحجة الخامسة : وهي أنه يلزم افتقار الشيء حال بقائه إلى المؤثر. فاعلم أن المباحث المتعلقة بهذا الباب مذكورة في مقالة مفردة ، فذكروه في أبواب الحدوث والعدم.
وأما الحجة السادسة : إن القول بإثبات القدماء محال.
فنقول : إن أرباب الملل والأديان اتفقوا على أنه تعالى ، كان عالما قادرا في الأزل ، وكونه عالما قادرا ليس عين ذاته المخصوصة ، على ما سيأتي تفصيل ذلك. وإذا كان الأمر كذلك ، كان القول بإثبات القدماء لازما عليهم.
فهذا تمام الكلام في هذا الباب. والله أعلم.