بن أبي سفيان ، الّذي كان حسّاساً إلى درجة كبيرة من ذكر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، إذ كيف يُقرنُ اسم بشر «محمد» باسم ربّ العالمين «الله»؟!
مع أنّ كلّ
الأنبياء الذين جاؤوا بشرائع سابقة لم يقرن اسم أحدهم باسم رب العزة في إعلامهم
للطقوس الدينية ، بل كان الناقوس والبوق والشبّور.
إذن لم يكن
معنىً ـ بنظر معاوية ـ لمقارنة اسم النبيّ لاسم الربّ في السماء وفي المعراج ، بل
يكفي بذلك أن يكون مناماً ، أو اقتراحاً من عمر ، أو ....
وعلى ذلك فلا
ضير إذن في الزيادة أو الحذف في الأذان ، فلَكَ أن تحذف «حيّ على خير العمل» كما
فعل عمر وتضع موضعها «الصلاة خير من النوم» ، ولك أن تفرد الإقامة ولا تثنّيها «لحاجة
لَهُمْ» ، ولك أن تزيد النداء الثالث يوم الجمعة ، ووو ... إلى آخر هذه الاجتهادات
، إن كان لها آخِر.
ومن هذا الباب
كان معاوية أوّل من أفشى مقولة التثويب الثاني ، وهي دعوة المؤذّنُ للخليفة أو
الأمير ـ لكثرة مشاغله ـ إلى الصلاة بقوله «السلام على أمير المؤمنين ، الصلاة
الصلاة رحمك الله» ، وسار المغيرة بن شعبة على نهج معاوية في هذا أيضاً ، بل قيل
إنّه أوّل من فعل ذلك.
ولكن صرّح
الأعلام بأنّ معاوية كان أوّل من أحدث هذا ، وتبعه المغيرة بن شعبة ومَن حذا حذوه .
فشاع الأمر
واستفاض ، وصار كأنّه حقيقة لا مناص عن الإذعان لها ـ مع أنّ الحقيقة الإسلامية هي
شيء آخر ـ وراحت أصداء هذا الحدث الأذاني تمتد وتمتد إلى العصر العباسي ، ومنه
وصلت إلى يومنا الحاضر.
__________________