وقد أرشَدَنا الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى لزوم اتّباع العترة ، فيكون الابتعادُ عن هؤلاء ابتعاداً عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم والإسلام ، وهو عين الضلالة والهلكة ، لأنّه لا هدى إلّا بالقرآن والنبيّ والعترة ، فعلي مع القرآن ، والقرآن مع عليّ «لا يفترقان حتّى يردا عليّ الحوض» (١).
ولو تأمّلت في هذه العبارة لعرفت مكانة الإمام عليّ ولرأيته في رتبة المعيّة مع القرآن ، وهي نسبة تقوم بطرفين ، ويستحيل أن تقوم بطرف واحد ، وعندما قال النبيّ : «عليّ مع القرآن» ، فقد أثبتها ، فلماذا أعاد إثباتها بصيغة أخرى ، فقال : «والقرآن مع عليّ»؟
حاشا أفصح مَن نطق بالضاد مِن اللغو في كلامه ، وحاشا أفصح من نطق بالضاد من التكرار في كلامه ، [دون معنى متوخّى ، فإنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم] أراد أن يُفهمنا أن مسألة معيّتهما [هي] معيّة من نوع خاص ، ويشير إلى أبعادها العميقة ، ذلك أن المعيّة بين شيئين أو أكثر ، عندما تطلق ، فيقال : زيد مع عمرو ، فهي أعمّ من أن يكون هذا الطرف في الإضافة متقدّماً رتبة على ذاك أو متأخّراً عنه ، بل تدلّ على أنهما معاً بقطع النظر عن رتبة كلّ منهما.
وربّما كان فيها إشارة إلى أنّ المَقْرون أقلّ رتبةً من المقرون به ، لهذا أعاد النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلمصياغة هذه المعية ، ليقول للمفكّرين : لا ينبغي أن تفهموا من قولي : «عليّ مع القرآن» أن عليّاً أقلّ رتبة من القرآن ، بل القرآن مع عليّ أيضاً ، فهما وجودان متعادلان» (٢).
ويؤيّد هذا الاستنتاج ما جاء عن النبيّ : «عليّ مني وأنا من عليّ» (٣) ،
__________________
(١) المستدرك ٣ : ١٢٤ قال صحيح ولم يخرجاه ، الجامع الصغير ٢ : ١٧٧ ، كنز العمال ١١ : ٦٠٣.
(٢) الحقّ المبين : ١٠٥ للمرجع الديني الشيخ الوحيد الخراساني.
(٣) سنن الترمذي ٥ : ٣٠٠ ح ٣٨٠٣ ، مصنف بن أبي شيبة ٧ : ٥٠٤ ح ٥٨ ، سنن ابن ماجة ١ : ٤٤ ح ١١٩.