وقد خدشوا في الإمام البخاري والنسائي وغيرهما.
فما المعتبر في الجرح والتعديل اذاً؟
في سياق جوابنا على إشكالهم الثاني ، نقول أيضاً : لو سلّمنا فرضاً بضعف تلك الروايات ، فإنّ كثرتها وتعدّد طرقها ، تجعلها معتبرة ، ويمكن الأخذ بها بناءً على قاعدة : (الحديث الضعيف يقوّي بعضه بعضاً) (١). وأنّهم كثيراً ما أخذوا بروايات رجالها ضعفاء ، فمثلاً أنّهم عملوا بقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم «على اليد ما اخذت حتّى توديه» (٢) على رغم ضعف سندها وانحصارها بسمرة بن جندب.
هذا كلّه بصرف النظر عن أنّ هناك جمّاً غفيراً من علماء المسـلمين ـ من طوائف الاثني عشرية والاسماعيلية والزيدية ـ رووا بطرق صحاح وحسان ثبوت الحيعلة الثالثة في زمن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وعدم نسخها ، وحينئذ فنحن نرى انجبار الروايات الضعيفة بهذه الطرق الصحيحة والحسنة.
ويتأكّد لك سبب ندرة الروايات الدالّة على الحيعلة الثالثة في مدرسة الخلفاء أو تضعيفهم لرواتها لو سايرت البحث معنا حتّى الفصل الرابع «حيّ على خير العمل تاريخها السياسي والعقائدي» إذ هناك ستقف على الاسباب السياسية الكامنة وراء هكذا أمور في الشر يعة.
أمّا فيما يتعلّق بالإشكال الثالث من أنَّ عمل النبيّ الأكرم هو الحجّة وليس
__________________
(١) نصب الراية ١ : ٩٣ عن البيهقي أنّه قال : والآثار الضعيفة إذا ضم بعضها إلى بعض أحدثت قوة فيما اجتمعت فيه من الحكم.
(٢) مسند أحمد ٥ : ٨ ، ١٢ ، ١٣ ، سنن الدارمي ٢ : ٢٦٤ باب في العارية موداة ، ابن ماجة ٢ : ٨٠٢ باب العارية ، سنن أبي داود ٢ : ١١٥ باب في الرقبى ، سنن الترمذي ٢ : ٣٦٨ باب ما جاء في العارية موداة ، مستدرك الحاكم ٢ : ٤٧ ، السنن الكبرى للبيهقي ٦ : ٩٠ ، ٩٥ ، ١٠٠ ، السنن الكبرى للنسائي ٣ : ٤١١.