وسعد بن أبي وقّاص. ولم يَزَل الصحابة الخارجون عن الكوفة يؤذّنون في كلّ يوم سفرهم خمس مرات ، إلى أن بَنَوها وسكنوها ، فمن الباطل المحال أن يُحال الأذان بحضرة من ذكرنا ويخفى ذلك على عمر وعثمان أو يعلمه أحدهما فيقرّه ولا ينكره.
ثم سكن الكوفة عليّ بن أبي طالب إلى أن مات ، وأنفذ العمّال من قِبله إلى مكّة والمدينة ، ثمّ الحسن ابنهُ رضي الله عنه إلى أن سلّم الأمر لمعاوية ، فمن المحال أن يُغيَّر الأذان ولا ينكر تغييره عليّ ولا الحسن ، ولو جاز ذلك على عليّ لجاز مثله على أبي بكر وعمر وعثمان ، وحاشا لهم من هذا فما يَظنُّ هذا بهم ولا بأحد منهم مسلمٌ أصلاً.
فإن قالوا : ليس أذان مكّة ولا أذان الكوفة نقل كافّة.
قيل لهم : فإن قالوا لكم : بل أذان أهل المدينة ليس هو نقل كافة ، فما الفرق؟
فإنِ ادّعوا في هذا محالاً ادُّعي عليهم مثله.
فإن قالوا : إن أذان أهل مكّة وأهل الكوفة يرجع إلى قوم محصور عددهم.
قيل لهم : وأذان أهل المدينة يرجع إلى ثلاثة رجال لا أكثر ، مالك وابن الماجشون وابن أبي ذئب فقط ، وإنّما أخذه أصحاب هؤلاء عن هؤلاء فقط.
فإن قالوا : لم يختلف في ..» (١).
إلى غيرها من عشرات الأسئلة التي طرحها ابن حزم وسعى لرفعها ، لكن المشكلة بقيت كما هي ، فما الذي تكتنفه هذه المسألة من الملابسات إذاً؟
__________________
(١) المحلّى لابن حزم ٣ : ١٥٤ ـ ١٥٥.