قال الصدوق : إنّما تَرَكَ الراوي ذِكر «حيّ على خير العمل» للتقيّة (١) ، وقد روي في خبر آخر أنَّ الصادق عليهالسلام سئل عن معنى «حيّ على خير العمل» فقال : «خير العمل : الولاية».
وفي خبر آخر : «خير العمل : بِرُّ فاطمةَ وولدها» (٢).
قلتُ : سنفتح بإذن الله ملابسات هذه الرؤية وما يتلوها عن ابن عبّاس في البابين الأوّل «حيّ على خير العمل ، الشرعية والشعاريّة» ، والثالث «أشهد أنّ عليّاً وليّ الله بين الشرعية والابتداع» من هذه الدراسة إن شاء الله تعالى. إذ لا خلاف عند جميع الفرق الشيعية إسماعيلية كانت ، أم زيدية ، أم إمامية اثني عشرية بجزئية الحيعلة الثالثة ، وأكّد الدسوقي وغيره ـ كما سيأتي ـ على تأذين الإمام عليّ بن أبي طالب بها ، فقد يكون ـ وكما احتمله الشيخ الصدوق ـ الراوي إنّما ترك ذكر (حيّ على خير العمل) للتقية وذلك للظروف التي كانت تمر بها الشيعة. ويؤيد ما قلناه في شرعية الحيعلة الثالثة وأنّها موجودة في الأخبار المنقولة عن الإمام عليّ وابن عباس ما روي عند الزيدية عن ابن عبّاس عن عليّ بن أبي طالب قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول : «لما انتُهي بي إلى سدرة المنتهى ... وفيه : حيّ على خير العمل حيّ على خير العمل» (٣).
__________________
(١) وعلق القاضي نعمان بن محمد بن حسون (ت ٣٦٣ هـ) في الايضاح على الرواية التي ليس فيها ذكر (حي على خير العمل) بقوله. ولا اظن والله اعلم ان ذلك ترك من الرواية إلّا لمثل ما قدمت ذكره في كتاب الطهارات من الوجوه التي من اجلها اختلفت الرواة عن اهل البيت [أي البقية راجع دعائم الإسلام ١ : ٥٩ ـ ٦٠] فان لم يكن ذلك فقد ثبت انه اذن بها على عهد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم توفاه الله تعالى وان عمر اقطعه ....
(٢) معاني الأخبار ٣٨ ـ ٤١ والنصّ عنه ، والتوحيد ٢٣٨ ـ ٢٤١ كما في مستدرك وسائل الشيعة ٤ : ٦٥ ـ ٧٠ ح ٤١٨٧ / ١ ، وانظر : بيان المجلسيّ في بحار الأنوار ٨١ : ١٣٤ ـ ١٣٥ ، وتفسيره عليهالسلام الأذان في جامع الأخبار : ١٧١ كما في بحار الأنوار ٨١ : ١٥٣ ـ ١٥٥.
(٣) انظر : الخبر بتفصيله في كتاب الاعتصام بحبل الله ١ : ٢٩٠.