وروى الحاكم الحسكاني أيضاً بسنده عن عبدالله بن عبّاس في قول الله تعالى : (مِنَ الْـمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ) (١) ، يعني عليّاً وحمزة وجعفرا (فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ) يعني حمزة وجعفرا (وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ) يعني عليّاً كان ينتظر أجله والوفاء لله بالعهد والشهادة في سبيل الله ، فوالله لقد رزق الشهادة (٢).
وبإسناده أيضاً عن زيد ، قال : سألت أبا جعفر محمّد بن عليّ ، قلت له : أخبرني عن قوله تعالى : (الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ) (٣) ، قال : نزلت في عليّ وحمزة وجعفر (٤) ...
فهؤلاء الثلاثة كانوا يحوطون النبيّ كما تحوط عينَ الناظر الهُدُبُ ، وكانوا هم عماد المدافعين عنه في أوائل الدعوة الإسلاميّة ، وقد أعلنوا إسلامهم بكل جرأة وتحدّ للحشود القرشية المتظافرة على الفتك برسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وها قد رأيت الأحاديث النبوية الشريفة والآيات القرآنية الكريمة كيف تعدهم لئالئ في سلك ونظام واحد ، فلماذا يحذف اسم «عليّ» من هذه الكوكبة؟! ما يكون ذلك إلّا من صنيع المبغضين له والأمويين ومن لفّ لفَّهم ، ويكفيك هذا دليلاً دامغاً على أنّ (نهج الأذان المنامي) حاول التعتيم على الحقيقة المحمدية العلوية ، وحاول القضاء على (نهج الأذان السماوي) ، فلم يتمكنوا من ذلك.
وهؤلاء الثلاثة ـ عليّ وحمزة وجعفر ـ كانت فضائلهم متماسكة متناسقة حتّى سارت على السنة الشعراء ، فقد قال الكميت في بائيته الرائعة :
أولاك نبيّ الله منهــم وجـعـفـــر |
|
وحمــزة ليـــث الفَـيلقَين الُمجرَّبُ |
__________________
(١) الأحزاب : ٢٣.
(٢) شواهد التنزيل ٢ : ٦ ، ح ٦٢٨. وانظر : التبيان ٥ : ٣١٨ ، وتفسير القمّي ٢ : ١٨٨.
(٣) الحجّ : ٤٠.
(٤) شواهد التنزيل ١ : ٥٢١ ، ح ٥٥٢.