ولو كان ما ذكرناه
ثابتا معلوما على حدّ العلم بما ذكرناه أوّلا ، لوجب أن يكون جهة كون القرآن معجزا
ودالّا على النّبوّة معلومة باضطرار ، كما أنّ التحدّي بالقرآن معلوم ذلك ، فكان
لا يصحّ أن يخالف من جهة دلالته مقرّ بصدق النّبيّ صلىاللهعليهوآله وصحّة نبوّته ، كما لا يصحّ أن يخالف فيما جرى مجراه.
على أنّا ما نأبى
القول بأنّ القرآن دليل نبوّته عليه وآله السّلام ، والعلم على صدقه ، ولا يمتنع
من هذه الجملة.
وإن أردنا بذلك
أنّ النّاظر في أحواله والمتأمّل لها يفضي به نظره إلى العلم بما هو الدّليل
والعلم على الحقيقة ، فمن حيث كان وصلة إلى الدّليل وطريقا إليه ومتعلّقا به ، جاز
أن يصفه بصفته.
كما لا يمتنع
الكلّ من وصف القرآن بأنّه دليل وعلم ، وإن كان من فعله عليه وآله السّلام ، من
حيث كان مستندا ومتعلّقا بما هو الدّليل والعلم على الحقيقة من العلوم .
وكذلك الوصف لما
يظهره الرّسول عليهالسلام من حمل الجبال وقلب المدن ، إذا كان واقعا عن قدرة. ولا
ينكر وصفه بأنّه دليل ، على التفسير الذي ذكرناه.
وكما يصف أيضا
إخباره صلىاللهعليهوآله عن الغيوب ، وإنذاره الحوادث الكائنة في المستقبل بأنّها
أدلّة له وأعلام ، من حيث استندت إلى العلوم الّتي هي في الحقيقة واقعة موقع
الإعلام.
وليس لأحد أن يقول
: إنّه عليه وآله السّلام كان يجعل القرآن دليلا وحجّة دون وجه كذا على خلاف ما
ذكرتم ؛ لأنّا قد بيّنا أنّ كيفيّة كونه دليلا وحجّة ، فهل هو الدالّ بنفسه أم
بغيره ، بما لم يعلمه من دونه صلىاللهعليهوآله اضطرارا؟ ولا يدّعي العلم به
__________________