من هذه الجهة إلّا غبيّ أو معاند ، وإنّما يعلم ذلك بالأدلّة التي تستخرج بها أمثاله.
فأمّا ما ذكره صلىاللهعليهوآله أنّ الله تعالى أبانه بالقرآن ، فغير مخالف لمذهبنا ؛ لأنّا نقول :
إنّ الله تعالى أبانه عليه وآله السّلام به ، كما أبانه بنزول جبرئيل عليهالسلام ، إلى غير هذا من ضروب الاختصاصات وفنون الكرامات.
غير أنّ هذه الإبانة لا يمكن أن نعلم بها في الأصل صحّة نبوّته ، بل لا بدّ من أن يعلم صحّة النبوّة قبلها بما ذكرناه من ثبوت المنع عن المعارضة ؛ فإذا علمنا ذلك رجعنا إلى خبره عليهالسلام في حصول الإبانة والاختصاص ونزول جبرئيل عليهالسلام وما أشبههما. وهذه جملة كافية تأتي على ما ذكره في الفصل.
ثمّ قال صاحب الكتاب في جملة فصل مترجم بذكر : «وجوه إعجاز القرآن وما يصحّ من ذلك وما لا يصحّ» (١).
«فإن قالوا (٢) : إنّا نجعله معجزا ، لصرفه تعالى (٣) إيّاهم عن المعارضة.
فقد (٤) بيّنا من قبل : أنّه لا يجوز أن يكونوا ممنوعين من الكلام بكذا ... وأشار إلى ما ذكره (٥).
ثمّ قال : وبيّنا أنّ هذا الوجه لو صحّ لم يوجب كون القرآن معجزا ، وكان يجب أن يكون المعجز منعهم من فعل مثله ، كما أنّه تعالى لو جعل دلالة نبوّته صلىاللهعليهوآله (٦) أن يتمكّن من مشي ، أو كلام ، أو تحريك يد ، في حال يتعذّر
__________________
(١) المغني ١٦ / ٣١٦ ـ فصل : «في وجوه إعجاز القرآن ، وما يصحّ من ذلك وما لا يصحّ ، وما يتّصل بذلك».
(٢) المغني ١٦ / ٣٢٢.
(٣) في المغني : وإن كان كذلك لصرفه.
(٤) في الأصل : قد ، وما أثبتناه من المغني.
(٥) يشير إلى ما ذكره القاضي في بداية هذا الفصل ، وكرّره في هذا المقام من قوله : «بأن دللنا على أنّ المنع والمعجز لا يختص كلاما دون كلام ، وأنّه لو حصل ذلك في ألسنتهم لما أمكنهم الكلام المعتاد ، والمعلوم من حالهم خلاف ذلك».
(٦) من المغني.