ويراد بها انصرافهم عن المعارضة الّتي ليست مؤثّرة ، دون المؤثّرة ؛ لأنّ هذه المعارضة يعلم بما تقدّم من الأدلّة أنّها لا تحصل». ثمّ قوله بعد : «لكن ذلك يبعد ؛ لأنّه متى جوّز في أحد المعارضتين الصّرفة ، لم نأمن في الأخرى مثله» (١) ؛ فمن الكلام الطّريف الظّاهر التّناقض ؛ لأنّه فرّق أوّلا بين المعارضتين ـ المؤثّرة وغير المؤثّرة ـ في صحّة التعلّق بالّتي ليست بمؤثّرة ، لو لا ما خرّجه من الوجه الّذي ذكره ، ثمّ سوّى بينهما من غير وجه يقتضي التّسوية ، وجعل تجويز الصّرفة عن إحداهما تجويزا في الأخرى.
فكيف يصحّ ما ذكره من الطّرق وضروب الاستدلالات الّتي تتناول ـ إذا صحّت ـ المعارضة الّتي ليست بمؤثّرة ، ولا يمكن أن يعلم بها امتناع وقوعها ، فكان المتعلّق بالصّرفة من هذا الوجه يقول له : الّذي يؤمن وقوع الصّرفة عن المعارضة المطلوبة قدّمته ، وادّعيت أنّه أدلّة على امتناعها ، وليس ذلك بمؤمن حصول الصّرفة عن المعارضة الأخرى. فعلى أيّ وجه سوّيت بينهما ، سيّما مع اعتقادك أنّ المؤثّرة على الحقيقة غير ممكنة ولا متأتّية ، وعلى ذلك بنيت ما استدللت به على تعذّرها ، والّتي ليست بمؤثّرة!
ولا يمكنك أن تقول : إنّها غير متأتّية ولا ممكنة ، وأكثر ما تدّعيه أنّها لا تقع لشيء تذكره ، لا يقتضي خروجها من الإمكان ، فقد صحّ بما ذكرناه اضطراب كلامه في الفصل ، وهذا آخر ما احتجنا إلى تتبّعه من كلامه.
مسألة تتعلّق بالصّرفة
إن سأل سائل فقال : كيف يصحّ مذهبكم في الصّرفة ، ومعلوم أنّ القوم الّذين
__________________
(١) في المغني ١٦ / ٣٢٨ : «لكن ذلك يبعد ؛ لأنّه متى جوّز في انصرافهم عنها أن يكون الوجه فيه الصّرفة ، لم يأمن أن تكون المعارضة الصحيحة أيضا ممكنة».