الكلام عليه
يقال له : قد
عرّفناك أنّا نرتضي السّؤال الّذي كرّرت إيراده على نفسك ، ولا تعقل ما تضمّنه
بوجه من الوجوه.
وقولك : «إنّ من
لم يخطر ذلك بباله قد يمكنه الاستدلال» ، ليس يخلو من أن تريد به : أنّ من لم يخطر
بباله ، هل القرآن متقدّم الحدوث؟ أو حادث في الحال؟ أو المنزل له على الرّسول بعض
الملائكة ، والله تعالى المتولّي لذلك ، بعد أن يكون آمنا من أن يكون المنزل له ـ من
الملائكة ، أو المحدث له منهم إذا كان مجوّزا بحدوثه من جهتهم ـ من عصى الله في
إنزاله وإحداثه على سبيل الاستفساد؟ وتصديق من ليس بصادق ، يمكنه الاستدلال به على
النّبوّة ، ولا يضرّه إلّا أن يكون عالما بحصول بعض الأحوال الّتي ذكرناها.
أو تريد أنّ من لم
يخطر بباله هذه الأمور ، يكون متمكّنا من الاستدلال به على النّبوّة ، مع أنّه لا
يأمن أن يكون المحدث له ـ من الملائكة أو المنزل له ـ قد عصى في إحداثه أو إنزاله
، وصدّق به من لا يجب تصديقه.
أو مع تجويزه ، أن
يكون من ظهر على يده هو النّاقل له إلى نفسه عمّن جعله الله تعالى علما على صدقه.
فإن أردت الأوّل
فهو صحيح لا شبهة فيه ، والّذي أنكرناه غيره.
وإن أردت الثّاني
فقد بيّنا بطلانه ، ودللنا على أنّ الاستدلال لا يصحّ مع قيام هذا التّجويز ،
وقلنا : إنّه لا فرق بين من قال ذلك وبين من قال : إنّ من لم يخطر بباله في الفعل
الّذي يظهر على مدّعي النّبوّة ؛ هل هو من جملة مقدور البشر ـ فيما يتمكّنون من
فعله ـ أم ليس كذلك؟ يمكنه الاستدلال به على موته ، وأنّ فقد
__________________