قال صاحب الكتاب (١) ، بعد أن أعاد السّؤال الّذي يتضمّن الاعتلال بأنّ الله تعالى يمنع من جميع ذلك ، لما فيه من الاستفساد :
«وأجاب عنه بأنّ هذا الوجه قائم في القرآن ، فيجب لو كان من فعل (٢) غيره ـ على طريق الاستفساد ـ أن يمنع منه.
وذكر أيضا : أنّ من لم يخطر ذلك بباله ، قد (٣) يمكنه الاستدلال (٤).
فإن قال : فهل يجوز أن يدلّ ذلك على النّبوّة ، إذا كان من فعل الملك على وجه؟
ثمّ قال : قيل له : لا يمتنع أن يدلّ على ذلك ، حتّى لا يفترق الحال بين أن يكون من قبله [تعالى] (٥) وبين أن يكون من فعل الملك ؛ وإنّما منعنا فيما تقدّم أن يكون من فعله على جهة الاستفساد ، وأوجبنا أن يمنع القديم تعالى من ذلك.
فأمّا على غير هذا الوجه فلا يمتنع (٦) ؛ لأنّه لا فرق بين أن يقلب تعالى عادة الملائكة في أن يحدثوا خلافها ، أو يحدث فيهم خلاف ذلك ، إذا ثبت أنّهم يطيعون ويستمرّون على ذلك ؛ لأنّ عادتهم على هذا الوجه كالعادة الثانية (٧) ، من جهة الحكم (٨) ؛ فإذا جرت عادة الملك في أن يحرّك الفلك على طريقته (٩) ؛ ثمّ انتقض ذلك علم أحد أمرين :
إمّا أنّه تعالى ألجأه وأحدث خلاف ما جرت به العادة في عليّته (١٠) ، أو غيّر دواعيه الّتي تتبعها العادات.
__________________
(١) المغني ١٦ / ١٧٦ ـ ١٧٧.
(٢) في المغني : قبل.
(٣) ليست في المغني.
(٤) قال القاضي في استدلاله : «وبعد ، فإنّ من لم يخطر بباله ذلك يمكنه الاستدلال ، فيجب أن لا يكون المعتبر في صحّته إلّا بما ذكرناه ، من كون ذلك خارجا عن العادة ، فيعلم عند ذلك أنّه من قبل الحكيم ، أو يكشف عن أمر من قبله ، فصحّ الاستدلال على نبوّته».
(٥) من المغني.
(٦) في الأصل : يمنع ، وما أثبتناه من المغني.
(٧) في المغني : الثابتة.
(٨) في المغني : الحكيم.
(٩) في الأصل : طريقه ، وما أثبتناه من المغني.
(١٠) في الأصل : تخليته ، وما أثبتناه من المغني.