السادس عشر : ومن صحيح مسلم قال : حدّثنا قتيبة بن سعيد ، حدّثنا حاتم يعني ابن إسماعيل عن بريد بن أبي عبد الله عن سلمة بن الأكوع قال : كان عليّ قد تخلّف عن النبيّ صلىاللهعليهوآله في خيبر وكان أرمدا فقال : أنا اتخلّف عن رسول الله صلىاللهعليهوآله. فخرج عليّ فلحق بالنبيّ صلىاللهعليهوآله فلمّا كان مساء اللّيلة التي فتحها الله في صباحها فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : «لاعطينّ الراية ـ أو ليأخذنّ الراية ـ غدا رجلا يحبّ الله ورسوله ـ أو قال : يحبّه الله ورسوله ـ يفتح الله عليه» فجىء بعليّ وما نرجوه ، فقال : هذا عليّ فأعطاه رسول الله صلىاللهعليهوآله الراية ففتح الله عليه (١).
السابع عشر : من تفسير الثعلبي في تفسير قوله تعالى : (وَيَهْدِيَكُمْ صِراطاً مُسْتَقِيماً) وذلك في فتح خيبر قال : بالإسناد [المتقدّم :] حاصر رسول الله صلىاللهعليهوآله أهل خيبر حتّى أصابه مخمصة شديدة وإنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله أعطى اللواء عمر بن الخطاب ونهض من نهض معه من الناس يلقوا أهل خيبرة فانكشف عمر وأصحابه ورجعوا إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله يجبّنه أصحابه ويجبّنهم وكان رسول الله صلىاللهعليهوآله قد أخذته الشقيقة (٢) ولم يخرج إلى الناس فأخذ أبو بكر راية رسول الله صلىاللهعليهوآله ثمّ نهض يقاتل ثمّ رجع فأخذها عمر فقاتل ثمّ رجع فأخبر بذلك رسول الله صلىاللهعليهوآله فقال : «أما والله لاعطينّ الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله يأخذها عنوة» وليس ثمّ عليّ ، فلمّا كان الغد تطاول لها أبو بكر وعمر ورجال من قريش كلّ واحد منهما يروم أن يكون صاحب ذلك فأرسل رسول الله صلىاللهعليهوآله ابن الأكوع إلى عليّ عليهالسلام فدعاه فجاءه على بعير له حتّى أناخ قريبا من رسول الله صلىاللهعليهوآله وهو أرمد قد عصّب عينيه بشقة برد قطري (٣) قال سلمة : فجئت به أقوده إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله «ما لك» قال : «رمدت» فقال : «ادن منّي» فدنا منه فتفل في عينيه فما شكا وجعهما بعد حتّى مضى لسبيله ثمّ أعطاه الراية فنهض بالرّاية وعليه حلة ارجوان حمراء قد أخرج كمّيها فأتى مدينة خيبر فخرج مرحب صاحب الحصن وعليه مغفر مصفر وحجر قد ثقبه مثل البيضة على رأسه وهو يزدجر ويقول :
قد علمت خيبر إنّي مرحب |
|
شاك السلاح بطل مجرّب |
إذا الحروب أقبلت تلهب |
|
كان حماي كالحما لا يقرب |
فبرز إليه عليّ صلوات الله عليه فقال :
أنا الّذي سمّتني أمّي حيدرة |
|
كليث غابات شديدة قسورة |
__________________
(١) صحيح مسلم : ٧ / ١٢٢ ط. دار الفكر بيروت.
(٢) الشقيقة : صداع في الرأس.
(٣) البرود القطرية : حمر لها أعلام فيها بعض الخشونة (اللسان).