قسيمها بنفسه في الحقيقة يدخل قوما إلى الجنّة وقوما إلى النار. وهذا الذي ذكره أبو عبيد أخيرا هو يطابق الأخبار الواردة فيه يقول للنار : هذا لي فدعيه وهذا لك فخذيه. إلى هنا كلام ابن أبي الحديد (١).
الخامس والعشرون : ومن مناقب الفقيه ابن المغازلي الشافعي قال : أخبرنا أبو القاسم عبد الواحد بن عليّ بن العبّاس البزار رفعه إلى إسماعيل بن أبي خالد عن قيس قال : سأل رجل معاوية عن مسألة فقال : سل عنها عليّ بن أبي طالب فإنه أعلم قال : يا أمير المؤمنين قولك فيها أحبّ إليّ من قول علي ، فقال : بئس ما قلت ، ولؤم ما جئت به ، لقد كرهت رجلا كان رسول الله صلىاللهعليهوآله يغرّه العلم غرا ، ولقد قال له رسول الله صلىاللهعليهوآله : «أنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه لا نبي بعدي» ولقد كان عمر بن الخطاب يسأله فيأخذ عنه ، ولقد شهدت عمر إذا أشكل عليه شيء قال : هاهنا عليّ. قم لا أقام الله رجليك ، ومحا اسمه من الديوان.
ومناقب شهد العدو بها |
|
والفضل ما شهدت به الأعداء |
وروى هذا الحديث إبراهيم بن محمّد الحمويني وهو أيضا من أعيان المخالفين بإسناده المتصل إلى قيس بن أبي حازم قال : جاء رجل إلى معاوية فسأله عن مسألة فقال : سل عنها علي بن أبي طالب هو أعلم ، وساق الحديث. (٢)
السادس والعشرون : السيد الاجلّ علي بن طاوس رضي الله عنه في كتاب سعد السعود نقله من طريق العامّة عن أبي حامد الغزالي قال علي عليهالسلام : «لمّا حكى عهد موسى أن شرح كتابه كان أربعين حملا لو أذن الله ورسوله لي لأشرع في شرح معاني ألف الفاتحة حتّى يبلغ مثل ذلك» يعني أربعين وقرا أو جملا ، وهذه الكثرة في السعة والافتاح في العلم لا يكون إلّا لدنيّا سماويا إلهيّا ، هذا آخر لفظ محمّد بن محمّد بن محمّد الغزالي في كتاب بيان العلم اللدنّي في وصف مولانا علي بن أبي طالب صلوات الله عليه وآله (٣).
السابع والعشرون : ابن طاوس أيضا قال : ذكر أبو عمر الزاهد واسمه محمّد بن عبد الواحد في كتابه بإسناده أن علي بن أبي طالب قال : «يا بن عبّاس إذا صلّيت عشاء الآخرة فالحقني إلى الجبانة» قال : فصليت ولحقته وكانت ليلة مقمرة قال : فقال لي : «ما تفسير الألف من الحمد»؟ قال فما علمت حرفا اجيبه ، فتكلم في تفسيرها ساعة واحدة تامة قال : «فما تفسير الحاء من الحمد؟»
__________________
(١) شرح النهج ٩ / ١٦٥ ط. الحلبي ، مناقب عليّ بن أبي طالب لابن المغازلي ٣٤ / ٥٢.
(٢) مناقب ابن المغازلي : ٣٥ ، والعمدة : ١٣٦ ، فرائد السمطين ١ : ٣٧١ / ٣٠٢.
(٣) سعد السعود : ٢٨٤ وحكاه عن الغزالي.