قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

غاية المرام وحجّة الخصام [ ج ٤ ]

95/404
*

اليتيم المسكين مما اراك تأكل فقال لها المسكين : لا لعمرك الله ما كنت لا طعمك من رزق ساقه الله إليّ ، ولكني ادلك على من اطعمني فقالت : دلني عليه فقال لها : أهل ذلك البيت الذي ترين وأشار إليه من بعيد فإن في ذلك البيت رجلا وامرأة اطعمانيه قالت المرأة : فإن الدال على الخير كفاعله.

قال المسكين وإني لأرجو أن يطعما يتيمك كما اطعماني ، فاقبلت باليتيم حتى وردت بباب علي وفاطمة (ره) ونادت : يا أهل المنزل اطعموا اليتيم المسكين الذي لا أم له ولا أب اطعموه من فضل ما رزقكم الله فقال علي لفاطمة : «عندك شيء؟» قالت : «فضل طحين عندي فجعلتها حريرة وليس عندنا شيء غيره وقد اقترب الإفطار» فقال لها علي : «آثري به هذا اليتيم فما عند الله خير وابقى» فقامت فاطمة عليها‌السلام بالقدر بما فيها فكبتها في حضن المرأة فخرجت المرأة تطعم الصبي اليتيم مما في حضنها فلم تجز بعيدا حتى اقبل أسير من اسراء المشركين ينادي : الأسير الغريب الجائع فلما نظر الأسير إلى المرأة تطعم الصبي من حضنها اقبل إليها وقال : يا أمة الله اطعميني مما أراك تطعميه هذا الصبي قالت المرأة للأسير : لا لعمرك والله ما كنت لأطعمك من رزق رزقه الله هذا اليتيم المسكين ولكني أدلك على من اطعمني كما دلني عليه سائل قبلك ، قال لها الأسير : وإن الدال على الخير كفاعله قالت له : آت أهل ذلك المنزل الذي ترى ، فإن فيه رجلا وامرأة اطعما مسكينا وسائلا قبل اليتيم.

فانطلق الأسير إلى باب علي وفاطمة فهتف بأعلى صوته : يا أهل المنزل أطعموا الأسير الغريب المسكين من فضل ما رزقكم الله تعالى فقال علي لفاطمة : «أعندك شيء؟» قالت : «ما عندي طحين اصبت فضل تميرات فخلصتهن من النواة وعصرت النحي فقطرته على التميرات دققت ما كان عندي من فضل الأقط فجعلته حيسا فما فضل عندنا شيء نفطر عليه غيره» فقال لها علي عليه‌السلام : «آثري به هذا الأسير الغريب المسكين» فقامت فاطمة بذلك الحيس ودفعته إلى الأسير وباتا يتضوران من الجوع على غير إفطار ولا عشاء ولا سحور ثم أصبحا صائمين حتى أتاها الله تعالى برزقهما عند الليل وصبرا على الجوع ، فنزل في ذلك (وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ) أي : على شدة شهوتهم له مسكينا قرص له ، ويتيما حريرة واسيرا حيسا (إِنَّما نُطْعِمُكُمْ) بخير عن ضميرهما (لِوَجْهِ اللهِ) يقول : إرادة ما عند الله من الثواب (لا نُرِيدُ مِنْكُمْ) في الدنيا جزاء يعني ثوابا ولا شكورا يقول حدثنا تثنون به عليا (إِنَّا نَخافُ) يخبر عن ضميرهما (مِنْ رَبِّنا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً) قال : العبوس تقبض ما بين العينين من أهواله وخوفه ، والقمطرير الشديد (فَوَقاهُمُ اللهُ شَرَّ ذلِكَ الْيَوْمِ) يقول : خوف ذلك اليوم (وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً) يقول : بهجات الجنة (وَسُرُوراً) يقول ما يسرهما