الأرض ، وكيف لا نكون أفضل من الملائكة وقد سبقناهم إلى التوحيد ومعرفة ربنا عزوجل وتسبيحه وتقديسه وتهليله لأن أوّل ما خلق الله عزوجل أرواحنا فانطقنا بتوحيده وتمجيده ، ثم خلق الملائكة فلمّا شاهدوا أرواحنا نورا واحدا استعظموا أمرنا فسبحنا لتعلم الملائكة أنا خلق مخلوقون وأنه منزه عن صفاتنا ، فسبحت الملائكة لتسبيحنا ونزهته عن صفاتنا ، فلما شاهدوا عظم شأننا هللنا لتعلم الملائكة أن لا إله إلا الله (١) فلما شاهدوا كبر محلّنا كبرنا (٢) لتعلم الملائكة أن الله أكبر من أن ينال ، وإنه عظيم المحل ، فلمّا شاهدوا ما جعل الله لنا من القدرة والقوة (٣) قلنا : لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، لتعلم الملائكة ان لا حول ولا قوة إلا بالله (٤) ، فلما شاهدونا ما أنعم الله به علينا واوجبه لنا من فرض الطاعة قلنا : الحمد لله لتعلم الملائكة ما يحق لله تعالى ذكره علينا من الحمد على نعمه ، فقالت الملائكة : الحمد لله ، فبنا اهتدوا إلى معرفة الله تعالى وتسبيحه وتهليله وتحميده وتمجيده ، ثم إن الله تعالى خلق آدم عليهالسلام واودعنا صلبه وأمر الملائكة بالسجود له تعظيما لنا وإكراما وكان سجودهم لله عزوجل عبودية ولآدم إكراما وطاعة لكوننا في صلبه فكيف لا نكون أفضل من الملائكة وقد سجدوا لآدم كلهم أجمعون.
وإنه لما عرج بي إلى السماء : أذن جبرائيل مثنى مثنى (٥) ثم قال : تقدّم يا محمد ، فقلت : يا جبرائيل أتقدم عليك؟ قال : نعم لأن الله تبارك وتعالى اسمه فضل أنبيائه على ملائكته أجمعين وفضلك خاصة ، فتقدمت وصليت بهم ولا فخر ، فلمّا انتهيت إلى حجب النور قال لي جبرائيل عليهالسلام : تقدم يا محمد (٦) إن هذا انتهاء حدي الذي وضعه الله لي في هذا المكان ، فإن تجاوزته احترقت اجنحتي لتعدي حدود ربي جل جلاله ، فزج (٧) بي زجة في النور حتى انتهيت إلى حيث ما شاء الله عزوجل من ملكوته ، فنوديت يا محمد أنت عبدي (٨) وأنا ربك فإياي فاعبد ، وعلي فتوكل فانك نوري في عبادي ، ورسولي إلى خلقي ، وحجتي في بريتي ، لمن تبعك خلقت
__________________
(١) في المصدر : وانا عبيد ولسنا بآلهة يجب أن نعبد معه أو دونه فقالوا لا إله إلّا الله. فلما شاهدوا.
(٢) في المصدر : كبرنا الله.
(٣) في المصدر : من العزة والقوة.
(٤) في المصدر : فقالت الملائكة : لا حول ولا قوة إلا بالله ، فلما شاهدوا.
(٥) في المصدر : وأقام مثنى مثنى.
(٦) في المصدر : وتخلف عني ، فقلت : يا جبرائيل في مثل هذا الموضع تفارقني؟ فقال : يا محمد ان هذا.
(٧) في المصدر : زخ.
(٨) في المصدر : فنوديت يا محمد ، فقلت : لبيك ربي وسعديك تباركت وتعاليت ، فنوديت يا محمد أنت عبدي.