إيجاب حكم الإيمان للمولود سبيل والله أعلم (١).
قال الشيخ : وإلى قريب من هذا المعنى ذهب أبو عبد الله الحليمي ـ رحمهالله ـ قال : وقوله : (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها) (٢) يريد ما وصفه في عقولهم من إمكان معرفته ووحدانيته وقدسه بها ، ويكون المعنى : الزم ما في عقلك من هذا ، ولا تخالفه إلى غيره ثم قال ـ جل وعز ـ : (لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ) (٣) أي : لا يقدر أحد على أن يبدل ما ركّب الله في الناس من العقل الذي هو آلة التمييز والمعرفة والحجة به قائمة على كل من كفر وأشرك بالله شيئا من خلقه ، ولو كان المراد بالفطرة نفس الإسلام لكان قول الله ـ جل وعز ـ : (لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ) راجعا إليه ، ولناقض ذلك ما جاء عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم من قوله : «حتى يكون أبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه» لأنّه إذا كان مفطورا على الإسلام ، وكان الإسلام هو المراد بفطرة الله التي فطر الناس عليها ، ثمّ هوّده أبواه أو نصراه أو مجساه فقد بدّلا / ما خلق الله ـ عزوجل ـ والله جل جلاله يقول : (لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ) (٤) وفي هذا ما أبان أن ليس المراد بفطرة الله التي فطر الناس عليها الإسلام ، لكن ما يتوصل به إلى أن الإسلام هو الحق من دلالة العقل وهي التي لا يتهيأ لأحد تبديلها ، وإن ذهب ذاهب كانت هي بحالة حجة عليه وداعية له إلى الصراط المستقيم وبالله التوفيق.
٦٤٤ ـ أخبرنا أبو الحسين بن بشران العدل ـ ببغداد ـ ، أنا أبو جعفر محمد بن عمرو بن البحتري ، نا حنبل بن إسحاق ، نا علي بن عبد الله المديني ، نا معاذ بن هشام قال : حدثني أبي ، عن قتادة عن الأحنف ، عن الأسود بن سريع أن نبيّ الله صلىاللهعليهوسلم قال : [أربعة] (٥) يوم
__________________
(١) «معالم السنن» (٧ / ٨٨).
(٢) سورة الروم ، الآية رقم (٣٠).
(٣) سورة الروم ، الآية رقم (٣٠).
(٤) سورة الروم ، الآية رقم (٣٠).
(٥) في الأصل [أربع] والتصحيح من «مسند» الإمام أحمد بن حنبل (٤ / ٢٤).