باب
ذكر البيان أنّ أفعال الخلق مكتوبة لله تعالى مقدورة له
فإنّها من الله ـ عزوجل ـ خلق ، وممن باشرها كسب قال الله عزوجل : (اللهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْواحِدُ الْقَهَّارُ) (١) وقال : (خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ) (٢) وقال : (بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (٣).
فامتدح بالقولين جميعا ، فكما لا يخرج شيء عن علمه لا يخرج شيء عن خلقه وقال : (إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ) (٤) وقال : (وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً) (٥) وقال : (ذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ) (٦) وقال : (قُلْ أَغَيْرَ اللهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ) (٧) وقال : (قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ) (٨) وقال : (وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (٩).
فامتدح بالخلق والربوبية والقدرة ، فلا يخرج شيء عن قدرته وربوبيته وخلقه ، ولا يدخل فيما خلق كلامه وسائر صفاته الذاتية ، كما لا يدخل فيه ذاته ؛ لأنّ الله تعالى خالق غيره. ولا نقول في صفاته إنّها غيره ؛ لأنه أخبر أنّه يخلق بكلامه فلا يكون كلامه مخلوقا ، ولأنّا رأينا من قال : أنا بنيت كل شيء من هذه المدينة. لم يدخل الباني ولا كلامه في البناء / ثم خروج شيء من عموم آية لحجة ، لا يوجب خروج غيره بغير حجة ، وقال الله ـ عز
__________________
(١) سورة الرعد ، الآية رقم (١٦).
(٢) سورة الأنعام ، الآية رقم (١٠٢).
(٣) سورة الأنعام ، الآية رقم (١٠١).
(٤) سورة القمر ، الآية رقم (٤٩).
(٥) سورة الفرقان ، الآية رقم (٢).
(٦) سورة غافر ، الآية رقم (٦٢).
(٧) سورة الأنعام ، الآية رقم (١٦٤).
(٨) سورة المؤمنون ، الآية رقم (٨٨).
(٩) سورة المائدة ، الآية رقم (١٧).