وإنّما يعتبر [الإيمان] (١) الشرعي المكتسب بالإرادة والفعل ، ألا ترى أنّه يقول : «فأبواه يهودانه وينصرانه» فهو مع وجود الإيمان الفطري فيه محكوم له بحكم أبويه الكافرين (٢).
٦٠٨ ـ أخبرنا أبو عبد الرحمن السلميّ ، أنا أبو الحسن [الكارزي] (٣) نا علي بن عبد العزيز قال : قال أبو عبيد : سألت محمد بن الحسن عن تفسير هذا الحديث فقال : كان هذا في أوّل الإسلام قبل أن تنزل الفرائض ، وقبل أن يؤمر المسلمون بالجهاد.
قال أبو عبيد : كأنّه يذهب إلى أنّه لو كان يولد على الفطرة ، ثمّ مات قبل أن يهوده أبواه أو ينصراه ما ورثهما ولا ورثاه ، لأنّه مسلم وهما كافران فكذلك ما كان يجوز أن يسبى ، يقول : فلمّا نزلت الفرائض وجرت السنن بخلاف ذلك علم أنّه يولد على دينهما. هذا قول محمد بن الحسن (٤).
قال الشيخ : قد حمله محمد بن الحسن على أحكام الدنيا ولم يتعرض لأمر الآخرة ، وإلى قريب من هذا ذهب الشافعي في معناه ، إلا أنه حمله على وجه لا يحتاج معه إلى دعوى النسخ فقال ـ في رواية أبي عبد الرحمن الشافعي عنه ـ / : قول النبيّ صلىاللهعليهوسلم «كل مولود يولد على الفطرة» وهي الفطرة التي فطر الله عليها الخلق ، فجعلهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم ما لم يفصحوا بالقول فيختاروا أحد القولين الإيمان أو الكفر لا حكم لهم في أنفسهم ، إنّما الحكم لهم بآبائهم فما كان آباؤهم يوم يولدون فهو بحاله. إما مؤمن فعلى إيمانه ، أو كافر فعلى كفره. فبهذا قلنا من وجب له حكم الإسلام بأي وجه ما كان ، وجبت له المواريث والأحكام ولا يزول ذلك عنه إلّا بردّة ، والردّة لا تكون إلّا فعلا من راجع من حال إلى حال.
__________________
(١) ساقطة من الأصل وهي عند الخطابي في «معالم السنن» (٧ / ٨٣).
(٢) «معالم السنن» (٧ / ٨٣).
(٣) في الأصل [الكازروني] والتصحيح من مصادر ترجمته انظر : «سير أعلام النبلاء» (١٧ / ٢٥٠).
(٤) «غريب الحديث» له (٢ / ٢١ ، ٢٢).