والأوصياء صلوات الله عليهم أجمعين ، ولكن لظروف لم تعرف اصولها ، تقلصت هذه المهمّات من مساحة التبليغ واعتبرت ضمن أعراف حوزوية معينة بانّها مهنة اُناس يحترفونها ، ولابدّ للاجلاّء من العلماء أن يتنزهوا عنها لانّها لا تليق وشأنهم ، وقد أخذت هذه الأفكار غير الصائبة تنزوي وتزول خصوصاً بعد انتصار الثورة الاسلامية المباركة حينما تصدى للخطابة والوعظ كبار العلماء والمجتهدين وعلى راسهم إمام الاُمّة ( قدس الله روحه الطاهرة ).
ونجد إيمان القمّي وتقواه وحبّه لهداية المؤمنين قد تصدى لهذه المهمّة الكبيرة من موقع الوظيفة الشرعية بدون أن يحترفها (١) ، وقد سار أثر خطى استاذه النوري رحمهالله.
وكانت لمواعظه أثرها الكبير في النفوس لأنه كان يتحدّث بما يعتقد به وبما عمل به قبل أن يتحدّث عنه (٢).
وقد روى الطوسي في أماليه بالإسناد عن الامام الصادق عليهالسلام انّه قال : ( من تعلّم لله عزّوجلّ وعمل لله وعلّم لله ، دعي في ملكوت السماوات عظيماً ، وقيل تعلم لله ، وعلم لله ) (٣).
وروى البرقي بإسناده عن الامام الباقر عليهالسلام قال : في ضمن رواية : « أشدّ الناس حسرة يوم القيامة الذين وصفوا العدل ثمّ خالفوه » (٤).
وقد نقل عن بعض حضّار مجلسه انّه قال : لقد كان كلام الشيخ القمّي يجعل الانسان بعيداً وممتنعاً عن السيئات والأعمال والذنوب لمدة اسبوع على الأقل ويكون متوجّهاً الى الله تعالى والى العبادة (٥).
__________________
(١) وكشاهد على ذلك القصة التي تقدمت في ص ٨٠.
(٢) محدث قمّي : ص ٥٧.
(٣) الأمالي للطوسي : ج ١ ، ص ١٧٠ ، المجلس ٦ ، ح ٣٢.
(٤) المحاسن للبرقي : ص ١٢٠ ، (كتاب عقاب الأعمال) ، باب ٦٤ ، ح ١.
(٥) مردان علم در ميدان عمل : ص ٩٧.