مملوءٌ حياة وحركة ، فإن لفظة الحيوان على وزن فعلان الذي يتضمن الكثرة والفوران ، فالحياة الحقيقة المملوءة حيوية وحركة انّما هي بعد الموت.
ولو قرأت الروايات التي تحدّثت عن تلك العوالم لرأيت أحداثاً كثيرة جداً لابدّ له أن يمرّ عليها.
الانسان وهو في هذه الدنيا يجهل تلك الأحداث والعوالم والمنازل ، لأنه بعيد عنها مكاناً وزماناً ، فانّ المكان الذي يعيشه في هذه الحياة الدنيا يختلف عن المكان الذي سوف يعيشه في تلك العوالم ( يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ ) (١).
وانّ الزمان الذي يحكمه في هذه الدنيا يختلف كلياً عن الزمان الذي يكون في تلك العوالم فمن تلك الأيّام ما تطول فتكون خمسين ألف سنة كما في قوله تعالى : ( فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ ) (٢).
ومنها ما يقصر فيكون ألف سنة كما في قوله تعالى : ( وَإِنَّ يَوْمًا عِندَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ ) (٣).
وقال تعالى : ( فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ ) (٤).
* * *
ولأهمية تلك الأحداث في حياة الانسان فقد جدّ للتعرف عليها بشتى الطرق والوسائل العلمية ، وقد أثرت أهداف كل باحث في انتخاب طريقته الخاصّة به للتعرف على تلك العوالم ، فالفيسلوف مثلاً يحاول أن يبحث بأدواته العلمية للتعرّف على تلك العوالم لتتمّ في عقله ونفسه الصورة العقلية والفكرية عن الانسان والحياة والعوالم الغيبية الاُخرى التي لم يدركها ببصره وحواسه.
بينما ينهج الاخلاقي بدراسة تلك العوالم لأجل أن ينذر أو يبشر نفسه والآخرين الذين يهتم بوعظهم وصلاحهم ، فيحسنوا ويصلحوا أحوالهم وأعمالهم.
__________________
(١) سورة ابراهيم : الآية ٤٨.
(٢) سورة المعارج : الآية ٤.
(٣) سورة الحج : الآية ٤٧.
(٤) سورة السجدة : الآية ٥.