كما أنها توضح أيضاً أن الانسان خُلِقَ ليتحرك ويدير المركز الحركي الكوفي بمعنى من المعاني الصحيحة التي لا مجال الى بيان تفصيلها في هذه العجالة ؛ بل بينت الرؤية الاسلامية ـ طبق نظام تفصيلي ـ المركز الحركي الكوني للانسان الكامل والانسان العادي ، والعلاقات الكونية بالانسان وغير ذلك.
كما أن النظام التفصيلي تعرض لشرح مفهوم الحياة للانسان باعتباره فاعل الحركة الكونية الكبيرة.
وذكرت أن الانسان خلق ليبقى وأنه لا ينتهي ولا يفنى بمجرد أن تنتهي مهمته في هذه الدنيا (١) التي تشكل اُولى المراحل الحياتية له.
واكدت على أن هذه الحياة مهمة في طريقه الحركي نحو الصعود والتكاثر ، لأنها المكان الذي يستطيع أن يبني الانسان فيه موقعه في العوالم الاُخرى التي سوف تلي هذه الدنيا التي يعيش فيها.
ومن الفوارق الأساسية بين هذه الدنيا والعوالم الاُخرى ، هو أن الانسان جاء الى هذه الدنيا بغير اختياره وبدون طلب أو ارادة منه ، ولكنّ سكناه في هذه الدنيا وبقاءه فيها انّما هي بارادته.
وأما العوالم الاُخرى فانّه سوف يعمّرها ويدخلها بارادته ويختار موقعه في تلك العوالم بارادة تامّة منه.
وللانسان أن يبني تلك العوالم وهو في هذه الدنيا لأن (الدنيا مزرعة الآخرة) (٢).
__________________
(١) روى الشيخ الصدوق رحمهالله في كتابه علل الشرائع : ج ١ ، ص ١١ باب ٩ ، ح ٥ بسند صحيح عن مسعدة بن زياد. قال : قال رجل لجعفر بن محمّد : يا أبا عبد الله ، إنا خلقنا للعجب؟! قال : وما ذاك ، لله أنت. قال : خلقنا للفناء؟! فقال : مَه ، يا بن أخ! خلقنا للبقاء ، وكيف تفنى جنة لا تبيد ، ونارٌ لا تخمد ، لكن قل : انما نتحرك من دارٍ الى دار.
وروى الشيخ الطوسي في أماليه ج ١ ، ص ٢٢٠ ، المجلس ٨ ، ح ٢٧ بإسناده الى أمير المؤمنين عليهالسلام انه قال في كلام له عليهالسلام : ( أيها الناس إنا خلقنا واياكم للبقاء لا للفناء ، ولكنكم من دارٍ الى دارٍ تنقلون ، فتزودوا لما انتم صائرون عليه وخالدون فيه ).
(٢) عوالي اللآلي لابن أبي جمهور : ج ١ ، ص ٢٦٧ ، الفصل ١٠ ، ح ٦٦.