بعدما انقضى الأمر وانسدّ طريق اصلاحه. فكان كما قال أمير المؤمنين عليهالسلام : « يتذكر أمولاً جمعها اغمض في مطالبها وأخذها من مُصرَّحاتها ، ومشتبهاتها قد لزمته تبعات جمعها وأشرف على فراقها تبقى لمن وراءه ينعمون بها فيكون المهنأ لغيره والعبءُ على ظهره » (١) ..
ومن جهة اُخرى فهو يواجه هول قدومه على نشأة اُخرى هي غير هذه النشأة.
ثمَّ انّ عينيه تريان أشياءاً لم ترها قبل ذلك :
( فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ ) (٢).
فيرى رسول الله وأهل بيته الأطهار صلوات الله عليهم وملائكة الرحمة وملائكة العذاب حاضرين عنده ليحكموا فيه وانّه يترقب ايّ حكم يحكمون به ، وأي شيء سوف يوصون به؟
ومن جهة اُخرى قد اجتمع ابليس واعوانه ليوقعوه في الشك ، وهم يحاولون جاهدين أن يسلبوا إيمانه ليخرج من الدنيا بلا إيمان.
ومن جهة اُخرى يعاني من هول حضور ملك الموت ، وبأي صورة وهيئة سوف يجيئه به ، وبأي نحو سوف يقبض روحه. الى غير ذلك ..
قال أمير المؤمين عليهالسلام : « فاجتمعت عليه سكرات الموت ، فغير موصوف ما نزل به » (٣).
وروى الشيخ الكليني عن الامام الصادق عليهالسلام :
« أنّ أمير المؤمنين صلوات الله عليه اشتكى عينيه ، فعاده رسول الله صلىاللهعليهوآله فإذا
__________________
(١) نهج البلاغة : فيض الاسلام ، ص ٣٣١ ، وراجع نهج البلاغة : ج ١ ، ص ٢١٢ محمّد عبدة ، ونقله عنه في البحار : ج ٦ ، ص ١٦٤ ، كتاب العدل والمعاد / باب سكرات الموت وشدائده : ح ٣٣. شرح نهج البلاغة : ابن أبي الحديد : ج ٧ ، ص ٢٠١.
(٢) سورة ق : الآية ٢٢.
(٣) راجع بحار الانوار : ج ٧٣ ، ص ١٠٩. كتاب الإيمان والكفر : مساوىء الأخلاق : باب حبّ الدنيا وذمها : ح ١٠٩ نقله عن كتابة (عيون الحكم والمواعظ) لعلي بن محمّد الواسطي.