وهذا القول على خلاف أقوال مفسّري الأحناف وفقهائهم وأعلامهم ، بل على خلاف أقوال جميع علماء الإسلام قاطبة ، فضلاً عن معارضته صراحة للكتاب العزيز والسُّنّة النبوية.
فقد أجمع الكلّ على أن عمّار بن ياسر قد ملئ إيماناً من فرقه إلى قدمه مع أنّه سبّ النبيّ (ص) ، وذكر اللات والعزى بخير. فهو قول شاذ لا يعتدّ به لمخالفته صراحةً للكتاب العزيز ، والسُّنّة المطهّرة ، وإجماع المسلمين.
كما ردّ الشوكاني قول الحسن البصري (ت / ١١٠ ه) ، والشافعي (ت / ٢٠٤ ه) وسحنون القاضي المغربي المالكي (ت / ٢٤٠ ه) ، وهو الذي روى المدونة الكبرى لمالك بن أنس (ت / ١٧٩ ه) بتوسيط عبد الرحمن بن قاسم الفقيه المالكي (ت / ١٩١ ه) ، عن الإمام مالك من أنّ الرخصة في التقية إنّما جاءت في هذه الآية في القول ، وأمّا الفعل فلا رخصة فيه!
قال الشوكاني : «ويدفعه ظاهر الآية فإنّها عامّة فيمن اكرِه من غير فرق بين القول والفعل ، ولا دليل لهؤلاء القاصرين للآية على القول ، وخصوص السبب لا اعتبار به مع عموم اللفظ كما تقرّر في علم الاصول» (١).
أقول : لقد ذكرنا من أقوال المالكية قول : ابن عطية ، وابن العربي ، وابن جُزي ، وأبي حيان وهؤلاء كلّهم قد خالفوا سحنون القاضي فيما ذهب إليه.
وذكرنا أيضاً من أقوال الشافعية قول : الماوردي ، والواحدي ، والرازي ، والخازن ، وابن كثير ، والبيضاوي ، وابن حجر العسقلاني ، والشربيني ، وهؤلاء كلّهم قد خالفوا الإمام الشافعي فيما نسبه إليه الشوكاني.
__________________
(١) فتح القدير ١٩٧ : ٣.