فلا أخلى الله هذا الأمر ممّن قربه من نبيّه.
فأجابه أبو العبّاس بجواب جميل ، وقال : مثلك من خطب عن العلماء ، فأحسنوا اختيارك ، وأحسنت في البلاغ.
فلمّا خرجوا ، قالوا له : ما أردت بقولك : (إلى قيام الساعة) ، وقد انقضت الساعة؟
قال : احتلت لنفسي وأسلمتكم للبلاء ، فسكت القوم ، وعلموا انّ الحقّ ما صنع» (١).
الموقف الثالث في مبايعة المنصور (ت / ١٥٨ ه) :
ذكر ابن عبد البر القرطبي المالكي (ت / ٤٦٣ ه) ، انّ جماعة من الفقهاء دخلوا على المنصور ، وكان فيهم أبو حنيفة ، وقد أقبل المنصور على أبي حنيفة وتركهم فقال : «أنت صاحب حِيلٍ ، فالله شاهد عليك أنّك بايعتني صادقاً من قلبك. قال : الله يشهد عليّ حتّى تقوم الساعة. فقال : حسبك. فلمّا انصرف أبو حنيفة ، قال له أصحابه : حكّمت على نفسك بيعته حتّى تقوم الساعة. قال : إنّما عنيت حتّى تقوم الساعة من مجلسك ، إلى بول ، أو غائط ، أو حاجة ، حتّى تقوم من مجلسك ذلك» (٢).
الموقف الرابع في بناء مدينة بغداد سنة (١٤٥ ه) :
لقد كان أبو حنيفة يجاهر في أمر إبراهيم بن عبد الله بن الحسن ، ويفتي
__________________
(١) أخبار أبي حنيفة ١٤ ١٥ ، أبو حنيفة حياته ، عصره آراؤه الفقهيّة / محمّد أبو زهرة : ٤١ ، وتاريخ المذاهب الإسلامية لأبي زهرة أيضاً ١٥٥ : ٢.
(٢) الانتقاء / ابن عبد البر : ١٥٩.