الحنابلة ، فقال :
«قد كان صاحبكم هذا أي : أحمد بن حنبل يقول : لا تقيّة إلا في دار الشرك. فلو كان
ما أقرّ به من خلق القرآن كان منه على وجه التقية ، فلقد عملها في دار الإسلام ..
ولو كان ما أقرّ به على الصحّة والحقيقة فلستم منه وليس منكم ، على أنّه لم يرَ
سيفاً مشهوراً ، ولا ضرب ضرباً كثيراً ، ولا ضرب إلا الثلاثين سوطاً ، مقطوعة
الثمار ، مشبعة الأطراف ، حتّى أفصح بالإقرار مراراً ولا كان في مجلس ضيق ، ولا
كانت حالته مؤيسة ، ولا كان مثقلاً بالحديد ، ولا خلع قلبه بشدّة الوعيد ...» .
أمّا في عهد
المتوكّل (ت / ٢٤٧ ه) ، فقد ارتفعت المحنة عنه ، حيث أظهر المتوكّل ميلَهُ نحو
المدرسة السلفية ، وأرغم الناس على التسليم والتقليد ، ونهاهم عن المناظرة والجدل
، وأمر الفقهاء والمحدّثين بالردّ على أصحاب المدرسة العقلية وشجّعهم على ذلك ،
وأمدهم بالأموال وكلّ ما يحتاجون إليه في سنة / ٢٣٤ ه ، فبالغوا في الثناء عليه
حتّى قالوا : «الخلفاء ثلاثة : أبو بكر الصديق رضي الله عنه في قتل أهل الردّة ،
وعمر بن عبد العزيز في ردّ المظالم ، والمتوكّل في إحياء السُنّة وإماتة التجهّم» .
وفي ظلّ تلك
الظروف المؤاتية أعلن الإمام أحمد بن حنبل رأيه بصراحة في مسألة خلق القرآن ، فقال
: «ومن زعم أنّ القرآن كلام الله ووقف ، ولم يقل ليس بمخلوق ، فهو أخبث من القول
الأوّل» . أي : أخبث من القول بخلق القرآن.
__________________