فأراد بشر أن يحرج
الشافعي فقال له بمسمع من الرشيد : «ادّعيت الإجماع ، فهل تعرف شيئاً أجمع الناس
عليه ، قال نعم : أجمعوا على أنّ هذا الحاضر أمير المؤمنين ، فمن خالفه قُتِل».
فضحك عند ذلك
الرشيد ، وقرّبه وأكرمه بعد أن أمر بفكّ القيد عنه .
أقول
: إنّ الإمام
الشافعي يعلم علم اليقين كيف وصل الرشيد إلى الحكم ، وإنّه لم ينصّ على خلافته
كتاب ، ولم تنطق بها سُنّة ، ولم تحصل بها شورى ، ولم ينعقد عليها الإجماع ،
وإنّما كانت ملكاً عضوضاً ، ورثها عن أبيه كما يرث الدينار والدرهم فهي خلافة
مرفوضة عند أهل النصّ والتعيين ، ومرفوضة عند أهل الشورى والاختيار ، وبالجملة
فإنّ خلافة الامويّين والعبّاسيّين برمّتهم خارجة عن إطار النظرية السياسية
للإمامة والخلافة في الإسلام ، ومن هنا يتّضح أنّ الإجماع المراد بكلام الإمام
الشافعي هو (إجماع التقية) لا غيره.
٦٧ ـ تقيّة سجادة من
المأمون (ت / ٢١٨ ه).
٦٨ ـ تقية القواريري من
المأمون.
٦٩ ـ تقيّة جمع من الفقهاء
من المأمون.
لقد نصّ الطبري (ت
/ ٣١٠ ه) في تأريخه عند تناوله الأخبار في محنة خلق القرآن في زمن المأمون على
امتناع سجادة والقواريري ومجموعة من الفقهاء من الاستجابة إلى أمر المأمون في هذه
المسألة الداعي إلى القول بأنّ القرآن الكريم مخلوق وليس بقديم.
__________________