فقال أبي : فقلت
لأبي حنيفة : كيف صرت إلى هذا وتابعته؟
قال : يا بني خفت
أن يقدم عليَّ ، فأعطيته التقية» .
٥٧ ـ تقية أصحاب أبي حنيفة
من ابن هبيرة (ت / ١٤٨ ه) :
عرض ابن هبيرة
والي الامويّين على الكوفة أعمالاً من أعمال ولايته على الفقهاء الذين أرسل إليهم
لهذا الفرض ، وكان منهم ابن أبي ليلى (ت / ١٤٨ ه) ، وابن شبرمة ، وداود بن أبي
هند ، وأبي حنيفة.
وقد أعطى لكلّ
واحد منهم عملاً من أعمال ولايته ، وتنازل لأبي حنيفة عن جزء من سلطانه ، ليكون في
يده خاتم الدولة يختم به كل أمر ، وجعل من حقّه انفاذ الأحكام التي يصدرها القضاء
والخراج ، وختم أوامر الوالي. فرفض أبو حنيفة وقبل الآخرون أعمالهم ، وأشاروا على
أبي حنيفة بالقبول فرفض ذلك. حتّى انّ ابن أبي ليلى قال : «دعوا صاحبكم ، فإنّه هو
المصيب» .
إلا أنّ أصحاب أبي
حنيفة ألحّوا عليه بقبول ما أعطاه ابن هبيرة ، وقالوا : ننشدك الله أن تُهلك نفسك
، فإنّا إخوانك ، وكلّنا كاره لهذا الأمر ، ولم نجد بدّاً من ذلك ، فرفض أيضاً .
وهذا القول الأخير
لا يمكن أن يفهم منه معنى غير معنى التقيّة.
٥٨ ـ تقيّة ابن سمعان من
المنصور (ت / ١٥٨ ه) :
ذكر ابن قتيبة انّ
المنصور العبّاسي اجتمع في أوّل خلافته بمالك بن أنس ،
__________________