السجن ، فقال له الرجل : يا أبا حنيفة أيحلّ للرجل إذا أمره السلطان الأعظم أن يقتل رجلاً ، أن يقتله؟
فأجابه بلباقة : كان الرجل ممّن وجب عليه القتل؟
قال : نعم.
قال : فاقتله.
قال : فإن لم يكن ممّا وجب عليه القتل؟
قال : السلطان الأعظم لا يأمر بقتل من لا يستحقّ القتل (١).
الموقف الثاني في مبايعة السفاح (ت / ١٣٦ ه) :
روى أبو يوسف (ت / ١٨٢ ه) ، عن داود الطائي قال : لمّا نزل أبو العباس الكوفة ، وجه العلماء فجمعهم فقال : «إنّ هذا الأمر قد أفضى إلى أهل بيت نبيّكم ، وجاءكم الله بالفضل ، وإقامة الحقّ ، وإنّه يا معشر العلماء أحقّ من أعان عليه (أنتم) ، ولكم الحباء ، والكرامة والضيافة من مال الله ما أحببتم ، فبايعوا بيعة تكون لكم عند إمامكم حجّة عليكم ، وأماناً في معادكم ، لا تلقون الله بلا إمام فتكونوا ممّن لا حجّة له ، ولا تقولوا : أمير المؤمنين نهابه أن نقول الحقّ. فنظر القوم إلى أبي حنيفة ، فقال : إن أحببتم أن أتكلّم عنّي وعنكم ، فامسكوا. قالوا : قد أحببنا ذلك ، فقال :
الحمد لله الذي بلغ الحقّ من قرابة نبيّه (ص) ، وأماط عنّا جور الظلمة ، وبسط ألسنتنا بالحقّ ، وقد بايعناك على أمر الله والوفاء لك إلى قيام الساعة ،
__________________
(١) أخبار أبي حنيفة / حسين بن علي الصيمري : ١٩.