تفسير الشفاعة :
قال الإمام الرازي في تفسير قوله سبحانه : (الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذابَ الْجَحِيمِ) (غافر / ٧) إنّ الآية تدل على حصول الشفاعة للمذنبين ، والاستغفار طلب المغفرة ، والمغفرة لا تُذْكر إلّا في إسقاط العقاب ، أمّا طلب النفع الزائد فإنّه لا يسمّى استغفاراً. وقوله تعالى : (وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا) يدل على أنّهم يستغفرون لكل أهل الإيمان ، فإذا دللنا على أنّ صاحب الكبيرة مؤمن ، وجب دخوله تحت هذه الشفاعة (١).
نرى أنّ الإمام الرازي جعل قول الملائكة في حق المؤمنين والتائبين ، من أقسام الشفاعة ، وفسّر قوله : (فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تابُوا) بالشفاعة. وهذا دليل واضح على أنّ الدعاء في حق المؤمن ، شفاعة في حقّه ، وطلبه منه طلبُ الشفاعة.
ونقل نظام الدين النيسابوري ، في تفسير قوله تعالى : (مَنْ يَشْفَعْ شَفاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْها) (النساء / ٨٥) عن مقاتل : «إنّ الشفاعة إلى الله إنّما هي دعوة الله لمسلمٍ ، لما روي عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : «من دعا لأخيه المسلم بظهر الغيب استجيب له ، وقال الملك ولك مثل ذلك» (٢).
__________________
(١) مفاتيح الغيب : ٧ / ٢٨٥ ـ ٢٨٦ ، ط. مصر ، الجزء ٢٧ / ٣٤ ط. دار إحياء التراث الإسلامي ، بيروت.
(٢) نظام الدين النيسابوري : غرائب القران بهامش تفسير الطبري : ٥ / ١١٨.