ثمّ نقل عن شيخه محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (المتوفّى ٣٤٣ ه) انّه كان يقول : أوّل درجة في الغلو نفي السهو عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم. (١)
وحاصل كلامه : انّ السهو الصادر عن النبي إسهاء من الله إليه لمصلحة ، كنفي وهم الربوبية عنه ، وإثبات انّه بشر مخلوق ، وإعلام الناس حكم سهوهم في العبادات وأمثالها وأمّا السهو الذي يعترينا من الشيطان فإنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم منه بريء ، وهو منزّه عنه ، وليس للشيطان عليه سلطان ولا سبيل.
ومع ذلك كلّه ، فهذه النظرية مختصة به ، وبشيخه ابن الوليد ، ومن تبعهما كالطبرسي في «مجمعه» على ما سيأتي ؛ والمحقّقون من الإمامية متفقون على نفي السهو عنه في أُمور الدين حتى مثل الصلاة.
قال المفيد : أقول إنّ الأئمّة القائمين مقام الأنبياء عليهمالسلام في تنفيذ الأحكام وإقامة الحدود وحفظ الشرائع وتأديب الأنام معصومون كعصمة الأنبياء ، وانّه لا يجوز منهم سهو في شيء في الدين ، ولا ينسون شيئاً من الأحكام ، وعلى هذا مذهب سائر الإمامية إلّا من شذّ منهم وتعلّق بظاهر روايات لها تأويلات على خلاف ظنّه الفاسد من هذا الباب ، والمعتزلة بأسرها تخالف في ذلك ويجوّزون من الأئمة وقوع الكبائر والردّة عن الإسلام. (٢)
وقال في شرحه على عقائد الصدوق : فأمّا نص أبي جعفر ـ رحمهالله ـ بالغلو على من نسب مشايخ القمّيين وعلمائهم (الذين جوّزوا السهو على النبي) إلى التقصير ، فليس نسبة هؤلاء القوم إلى التقصير علامة على غلو الناس ، إذ في جملة المشار إليهم بالشيخوخة والعلم من كان مقصّراً ، وانّما يجب الحكم بالغلو على من
__________________
(١). من لا يحضره الفقيه : ١ / ٢٣٢.
(٢). أوائل المقالات : ٣٥.