وأمّا «الرجز» : بضم الراء ، فقد جاء في القرآن الكريم مرّة واحدة ، وهي الآية التي نحن بصدد تفسيرها ، فسواء أُريد منها العذاب أم غيره من المعنيين ، فلا يدل على ما ذهبت إليه المخطّئة ، وإليك بيان ذلك :
أ. «الرجز» العذاب : فلو كان المقصود منه العذاب فيدل على الأمر بهجر ما يسلتزم العذاب ، وبما أنّ الآيات القرآنية نزلت بعنوان التعليم فلا تدلّ على أنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كان مشرفاً على ما يجرّ العذاب ، لأنّ هذه الخطابات من باب «إياك أعني واسمعي يا جارة» ، وهذا النوع من الخطاب بمكان من البلاغة ، لأنّه سبحانه إذا خاطب أعز الناس إليه بهذا الخطاب فغيره أولى به ، ومن هنا يقدر القارئ الكريم على حل كثير من الآيات التي تخاطب النبي الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم بلحن حاد وشديد ، فتقول : (لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ) (١) ، وليست الآية دليلاً على وجود أَرضية الشرك في شخصية النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فنهاه عنه سبحانه ، بل الآيات آيات عامّة نزلت للتعليم ، والخطاب موجه إليه والمقصود منها عامة الناس ، نرى أنّه سبحانه يخاطب نبيَّه الأكرم في سورة القصص بالخطابات الناهية الأربعة المتوالية ، الخطاب للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم والمقصود منه هو الأُمّة ويقول : (وَما كُنْتَ تَرْجُوا أَنْ يُلْقى إِلَيْكَ الْكِتابُ إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ ظَهِيراً لِلْكافِرِينَ* وَلا يَصُدُّنَّكَ عَنْ آياتِ اللهِ بَعْدَ إِذْ أُنْزِلَتْ إِلَيْكَ وَادْعُ إِلى رَبِّكَ وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ* وَلا تَدْعُ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) (٢).
وهذا هو المقياس في أكثر الخطابات الناهية الواردة في القرآن الكريم.
ب. الرجز بمعنى القذارة : ثمّ إنّ القذارة على قسمين : القذارة المادية ،
__________________
(١). الزمر : ٦٥.
(٢). القصص : ٨٦ ـ ٨٨.