ضالاً في هذه
الفترة من عمره ، فهداه إلى أسباب السعادة وعرّفه وسائل الشقاء.
والالتزام
بالضلالة بهذا المعنى لازم القول بالتوحيد الأفعالي ، فإنّ كل ممكن كما لا يملك
وجوده وحياته ، لا يملك فعله ولا هدايته ولا رشده إلّا عن طريق ربّه سبحانه ،
وإنّما يفاض عليه كل شيء منه قال تعالى : (يا أَيُّهَا النَّاسُ
أَنْتُمُ الْفُقَراءُ إِلَى اللهِ وَاللهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ)
، فكما أنّ وجوده مفاض من الله سبحانه ، فهكذا كل ما يوصف به من جمال وكمال
فهو من فيوض رحمته الواسعة ، والاعتقاد بالهداية الذاتية ، وغناء الممكن بعد وجوده
عن هدايته سبحانه يناقض التوحيد الأفعالي الذي شرحناه في موسوعة مفاهيم القرآن.
وقد تضافرت الآيات
على هذا الأصل ، وأنّ هداية كل ممكن مكتسبة من الله سبحانه من غير فرق بين الإنسان
وغيره ، وفي الأوّل بين النبي وغيره ، قال سبحانه : (قالَ رَبُّنَا
الَّذِي أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى)
، وقال سبحانه : (الَّذِي خَلَقَ
فَسَوَّى* وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدى)
، وقال سبحانه : (وَقالُوا الْحَمْدُ
لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا وَما كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْ لا أَنْ هَدانَا
اللهُ)
، وقال سبحانه : (الَّذِي خَلَقَنِي
فَهُوَ يَهْدِينِ)
، وقال تعالى : (إِلَّا الَّذِي
فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ)
، وقال تبارك وتعالى : (وَإِنِ اهْتَدَيْتُ
فَبِما يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي)
، إلى غير ذلك من الآيات.
__________________