أمّا الوالد : فقد نقلت عنه كلمات وأبيات تدل على إيمانه ، فإليك ما نقله عنه أهل السير ، عند ما عرضت فاطمة الخثعمية نفسها عليه فقال رداً عليها :
أمّا الحرام فالممات دونه |
|
والحل لا حل فاستبينه |
يحمي الكريم عرضه ودينه |
|
فكيف بالأمر الذي تبغينه (١) |
وقد روي عن النبي الأكرم أنّه قال : «لم أزل أُنقل من أصلاب الطاهرين إلى أرحام الطاهرات». ولعل فيه إيعازاً إلى طهارة آبائه وأُمّهاته من كل دنس وشرك. (٢)
وأمّا الوالدة : فكفى في ذلك ما رواه الحفّاظ عنها عند وفاتها فإنّها (رضي الله عنها) خرجت مع النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وهو ابن خمس أو ست سنين ونزلت بالمدينة تزور أخوال جده صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وهم بنو عدي بن النجار ، ومعها أُم أيمن «بركة» الحبشية ، فأقامت عندهم ، وكان الرسول بعد الهجرة يذكر أُموراً حدثت في مقامه ويقول : «إنّ أُمّي نزلت في تلك الدار ، وكان قوم من اليهود يختلفون وينظرون إليّ ، فنظر إليّ رجل من اليهود ، فقال : يا غلام ما اسمك؟ فقلت : أحمد ، فنظر إلى ظهري وسمعته يقول : هذا نبي هذه الأُمّة ، ثمّ راح إلى إخوانه فأخبرهم ، فخافت أُمّي عليّ ، فخرجنا من المدينة ، فلمّا كانت بالأبواء توفيت ودفنت فيها».
روى أبو نعيم في دلائل النبوّة عن أسماء بنت رهم قالت : شهدت آمنة أُمّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في علتها التي ماتت بها ، ومحمد عليه الصلاة والسلام غلام «يفع» (٣) له
__________________
(١). السيرة الحلبية : ١ / ٤٦ وغيرها
(٢). سيرة زيني دحلان بهامش السيرة الحلبية : ١ / ٥٨.
(٣). يفع الغلام : ترعرع.