كلمة أهل السير والتاريخ على كفالته لصاحب الرسالة بعد جدّه ، ودرئه عنه كل سوء وعادية طيلة حياته ، وان اختلفت آراؤهم في إيمانه بالرسول الأكرم بعد البعثة ، ولأجل تحقيق الحال نركّز على البحث عن نقطتين : إيمانه قبل البعثة ، وإيمانه بعد البعثة :
* إيمانه بالله قبل البعثة
يكفي في إيمانه بالله وخلوص توحيده عدّة أُمور نشير إليها :
١. ما أخرجه ابن عساكر في تاريخه ، عن جلهمة بن عرفطة ، قال : قدمت مكة وهم في قحط ، فقالت قريش يا أبا طالب أقحط الوادي وأجدب العيال فهلم واستسق ، فخرج أبو طالب ومعه غلام كأنّه شمس دجى تجلّت عنه سحابة قتماء وحوله اغيلمة ، فأخذه أبو طالب فألصق ظهره بالكعبة ، ولاذ باصبعه الغلام وما في السماء ، قزعة (١).
فأقبل السحاب من هاهنا وهاهنا وأغدق واغدودق وانفجر له الوادي واخصب البادي والنادي ، ففي ذلك يقول أبو طالب ويمدح به النبي أكثر من ثمانين بيتاً :
وأبيض يستسقى الغمام بوجهه |
|
ثمال اليتامى عصمة للأرامل |
يلوذ به الهلّاك من آل هاشم |
|
فهم عنده في نعمة وفواضل |
وميزان عدل لا يخيس شعيرة |
|
ووزان صدق وزنه غير هائل (٢) |
__________________
(١). القزعة : قطعة من السحاب.
(٢). السيرة الحلبية : ١ / ١١٦. لاحظ فتح الباري : ٢ / ٤٩٤ ، والقصيدة مذكورة في السيرة النبوية لابن هشام : ١ / ٢٧٢ ـ ٢٨٠