تصفه بها ، وانّ
ذلك الفتح المبين دلّ على افتعالها وعدم صحتها من أساسها وطهر صحيفة حياته عن تلك
النسب ، وإليك توضيح ذلك ببيان أُمور :
* ١. ما هو المراد من
الفتح في الآية؟
لقد ذكر المفسرون
هنا وجوهاً ، فتردّدوا بين كون المقصود فتح مكة ، أو فتح خيبر ، أو فتح الحديبية.
لكن سياق آيات
السورة لا يساعد الاحتمالين الأوّلين ، لأنّها ناظرة إلى قصة الحديبية والصلح
المنعقد فيها في العام السادس من الهجرة ، والفتح الذي يخبر عن تحقّقه ووقوعه ،
يجب أن يكون متحقّقاً في ذاك الوقت ، وأين هو من فتح مكة الذي لم يتحقّق إلّا بعد
عامين من ذلك الصلح حيث إنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم
فتحها في العام
الثامن من هجرته؟!
ولأجل ذلك حاول من
قال : إنّ المراد منه فتح مكة ، أن يفسره : بأنَّ إخباره عن الفتح ، بمعنى قضائه
وتقديره ذلك الفتح ، والمعنى قضى ربُّكَ وقدَّر ذاك الفتح المبين ، فالقضاء كان
متحقّقاً في ظرف النزول وإنْ لم يكن نفس الفتح متحقّقاً.
ولكنّه تكلّف غير
محتاج إليه ، وقصة الحديبية وإن كانت صلحاً في الظاهر على ترك الحرب والهدنة إلى
مدّة معينة لكن ذلك الصلح فتح أبواب الظفر للنبي
صلىاللهعليهوآلهوسلم
في الجزيرة
العربية ، وفسح للنبي أن يتوجّه إلى شمالها ويفتح قلاع خيبر ، ويسيطر على مكامن
الشر والمؤامرة ، ويبعث الدعاة والسفراء إلى أرجاء العالم ، ويسمع دعوته أُذن
الدنيا ، كل ذلك الذي شرحناه في أبحاثنا التاريخية كان ببركة تلك الهدنة ، وإن كان
بعض أصحابه يحقّرها ويندّد بها في أوائل الأمر.