فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ* فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ* فَلَوْ لا أَنَّهُ كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ* لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ* فَنَبَذْناهُ بِالْعَراءِ وَهُوَ سَقِيمٌ* وَأَنْبَتْنا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ* وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ* فَآمَنُوا فَمَتَّعْناهُمْ إِلى حِينٍ) (١).
٥. (فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تَكُنْ كَصاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نادى وَهُوَ مَكْظُومٌ* لَوْ لا أَنْ تَدارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَراءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ* فَاجْتَباهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ) (٢).
هذه هي الآيات الواردة حول قصة يونس ، وبالإحاطة بها يتمكّن المفسّر من الإجابة على الأسئلة المطروحة حولها ، وإن لم تكن لبعضها صلة بالعصمة.
أمّا ما جاء من الروايات حول القصة ، فكلّها روايات آحاد لا يمكن الركون إلى الخصوصيات الواردة فيها ، بل بعض ما فيها لا يناسب ساحة الإنسان العادي فضلاً عن النبي ، ولأجله تركنا ذكرها.
والذي تضافرت عليه الروايات هو أنّه لمّا دعا قومه إلى الإسلام ، وعرف منهم الامتناع ، دعا عليهم ووقف على استجابة دعائه ، فأخبرهم بنزول العذاب ، فلمّا ظهرت أماراته كان من بينهم عالم أشار إليهم أن افزعوا إلى الله لعلّه يرحمكم ، ويردّ العذاب عنكم ، فقالوا : كيف نصنع؟ قال : اجتمعوا واخرجوا إلى المفازة ، وفرّقوا بين النساء والأولاد ، وبين الإبل وأولادها ... ثمّ ابكوا وادعوا ، فذهبوا وفعلوا ذلك ، وضجّوا وبكوا ، فرحمهمالله ، وصرف عنهم العذاب. (٣)
فنقول : توضيح مفاد الآيات يتوقف على البحث عن عدّة أُمور :
__________________
(١). الصافات : ١٣٩ ـ ١٤٨.
(٢). القلم : ٤٨ ـ ٥٠.
(٣). بحار الأنوار : ١٤ / ٣٨٠ من الطبعة الجديدة رواه جميل بن درّاج الثقة عن الصادق عليهالسلام.