وإنّ الله سبحانه
يصرف كل سوء وفحشاء عنهم فلا يقترفون معصيته ولا يهمون بها بما يريهم الله من
برهانه ، وهذه هي العصمة الإلهية.
* السؤال الرابع
لو كان المراد من (بُرْهانَ رَبِّهِ)
هو العصمة ، فلما
ذا قال سبحانه : (رَأى بُرْهانَ
رَبِّهِ)
، فإنّ هذه الكلمة
تناسب الأشياء المحسوسة كالمعاجز والكرامات لا العصمة التي هي علم قاهر لا يغلب
ويصون صاحبه عن اقتراف المعاصي.
أقول : إنّ الرؤية كما تستعمل في الرؤية الحسية والرؤية
بالأبصار ، تستعمل أيضاً في الإدراك القلبي والرؤية بعين الفؤاد قال سبحانه : (ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى)
، وقوله سبحانه : (أَفَمَنْ زُيِّنَ
لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً)
، وقوله سبحانه : (وَلَمَّا سُقِطَ فِي
أَيْدِيهِمْ وَرَأَوْا أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّوا قالُوا لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنا
رَبُّنا وَيَغْفِرْ لَنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ)
، وهذه الآيات ونظائرها تشهد بوضوح بأنّ الرؤية تستعمل في الإدراك القلبي
والاستشعار الباطني.
وعلى ذلك فيوسف
الصديق لمّا وقع مقابل ذلك المشهد المغري ، الذي يسلب اللب والعقل عن البشر ، كان
المتوقع بحكم كونه بشراً ، الميل إلى المخالطة معها والعزم على الإتيان بالمعصية ،
ولكنّه لما أدرك بالعلم القاطع أثر تلك المعصية صانه ذلك عن أي عزم وهمّ بالمخالطة.
هذا هو المعنى
المختار في الآية ، وبذلك تظهر نزاهة يوسف عن أي هم
__________________