الملك ، في سنة سبعين وأربعمائة إلى الشيخ ، باستجلاب خاطره وتعظيمه ، والأمر بالانتقام من الذين أثاروا الفتنة ، وبأن يسجن الشريف أبو جعفر ، وكان الخليفة قد حبسه بدار الخلافة ، عندما شكاه الشيخ أبو إسحاق.
قالوا : ومن كتاب نظام الملك إلى الشيخ «وإنه لا يمكن تغيير المذاهب ، ولا نقل أهلها عنها ، والغالب على تلك الناحية مذهب أحمد ، ومحله معروف عند الأئمة ، وقدره معلوم في السنة ...» من كلام طويل ، سكن به جأش الشيخ.
وأنا لا أعتقد أن الشيخ أراد إبطال مذهب الإمام أحمد ، وليس الشيخ ممن ينكر مقدار هذا الإمام الجليل ، المجمع على علوّ محلّه من العلم والدين ، ولا مقدار الأئمة من أصحابه أهل السنة والورع. وإنما أنكر على قوم عزوا أنفسهم إليه وهو منهم برئ ، وأطالوا ألسنتهم في سبّ الشيخ أبي الحسن الأشعري. وهو كبير أهل السنة بعده ، وعقيدته وعقيدة الإمام أحمد ـ رحمه اللّه ـ واحدة ، لا شك في ذلك ولا ارتياب ، وبه صرح الأشعري في تصانيفه ، وكرر فيرى مرة «أن عقيدتي هي عقيدة الإمام المبجّل أحمد بن حنبل» هذه عبارة الشيخ أبي الحسن في غير موضع من كلامه.