ذواتها متناهية أولا وآخرا وهي معدودة بالزمان والزمان هو العاد للحركات فالمعدود إذا يتناهى أولا وآخرا ، كذلك يلزم أن يتناهى العاد أولا وآخرا يبقى أن يقال : أهي متناهية عددا أم لا؟ قلنا : وكل عدد موجود فهو قابل للزيادة والنقصان والأكثر والأقل فهو متناه وكل عدد موجود فهو متناه ، وهذا الحكم يجري في كل عدد موجود معا كالنفوس الإنسانية أو متعاقبة كالأشخاص الإنسانية وعندهم النفوس غير متناهية عددا وهي قابلة للزيادة والنقصان ، فإذا طبّقت الأشخاص على النفوس تساوت لا محالة وإن نقصت من الأشخاص عددا وطبقت الباقي على عدد النفوس فإن كان كل واحد منهما لا يتناهى كان الزائد مثل الناقص ، وإن كان يتناهى فقد حصل المقصود وتطبيق الخط على الخط كتطبيق العدد على العدد وتطبيق النفس على الشخص والحركات والمتحركات إذا تناهت ذاتا وزمانا ومكانا وعددا وهذا قاطع لا جواب عنه ولا سؤال عليه (١).
ومن جملة الإلزامات على الدهرية : أن حركات زحل وهو في الفلك السابع مثل حركات القمر وهو في الفلك الأول من حيث أن كل واحد من النوعين غير متناه ومعلوم بالضرورة أن حركات زحل أكثر من حركات القمر فهي إذا مثلها وأكثر منها ، وذلك من أمحل المحال وأبلغ في التناقض.
فإن قيل : إن قصرت مسافة فلك القمر عن فلك زحل فقد طال زمان القمر بمقدار قصر المسافة حتى قطع القمر فلكه بمثل ما قطع زحل فلكه فقد تساويا في الحركة.
قلنا : وما قولكم في حركة فلك زحل فإنها حركات المحيط وحركات فلك القمر وحركات القطب فهما متساويان فيما لا يتناهى وحركات فلك زحل أضعاف حركات فلك القمر ولا جواب عنه.
فإن قيل : ألستم أثبتم تفاوتا في معلولات الله تعالى وفي مقدوراته فإن العلم عندكم متعلق بالواجب والجائز والمستحيل والقدرة لا تتعلق إلا بالجائز فكانت المعلومات أكثر والمقدورات أقل ، والقلة والكثرة قد تطرقنا إلى النوعين وهما غير متناهيين.
والجواب : قلنا : نحن لم نثبت معلومات أو مقدورات هي أعداد بلا نهاية بل معنى قولنا إنها لا تتناهى أي العلم صفة صالحة يعلم به ما يصح أن يعلم والقدرة صفة صالحة يقدر بها على ما يصح أن يوجد ثم ما يصح أن يعلم وما يصح أن يقدر عليه لا يتناهى ، وليس ذلك عدد أنقص من عدد حتى يكون ذلك نقضا لما ذكرناه وإنما الممتنع عندنا أعداد يحصرها الوجود وهي غير متناهية فنقول : قد بينا أن ما لا يتناهى
__________________
(١) انظر : المواقف للإيجي (١ / ٥٣١).