إذا عرفت ذلك فاعلم أن عامة الآل يقولون إن صفاته تعالى من نحو قادر وعالم وموجود وقديم وحي تعبير ليس إلّا ، وإلا لزم التكثر في الذات ، والتعدد في القدماء والواجبات ، أو التلاشي إن قالوا : لا شيء ولا لا شيء ، وهذه عبارة زين العابدين (١) في توحيده لرب العالمين حيث قال : فأسماؤه تعبير وأفعاله تفهيم ، وذاته حقيقة ، وكنهه تفريق بينه وبين خلقه.
وقال الهادي ـ عليهالسلام ـ في كتاب الديانات : لم يزل قادرا عالما ليس لقدرته غاية ، ولا لعلمه نهاية ، وليس علمه وقدرته سواه ، ومن قال علم الله هو الله ، وقدرة الله هي الله ، وسمع الله هو الله ، وبصر الله هو الله فقد قال في ذلك بالصواب.
قال الإمام المهدي ـ عليهالسلام ـ : وهذا قول أبي الهذيل ، ولو أمعن النظر الهادي لما كان لإضافتها إليه معنى ؛ إذ لا يضاف الشيء إلى نفسه.
قال والدنا العلامة محمد بن عز الدين المفتي (٢) كثّر الله فوائده : وما أحق المهدي بإمعان النظر في قوله تعالى : (وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ) [آل عمران : ٢٨](كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ) [القصص : ٨٨] وهذا من ذلك عند أولئك كما صرح به القاسم ، وليست صفاته ثابتة لمعان كما يقوله مثبتوا المعاني من المتكلمين ، فإنهم قالوا : حي له حياة أزلية ليست بعرض ولا مستحيل البقاء وعالم له علم أزلي شامل ، ليس بعرض ولا مستحيل البقاء ولا ضروري ولا مكتسب ، وليست ثابتة لمزايا زائدة كما يقوله الكثير من المعتزلة واختاره جماعة من متأخري الآل ، فكونه قادرا وعالما وحيا وموجودا صفات زائدة على ذاته ، مقتضاة عن صفة أخص (٣) بها فارق مفارقه تعالى بعد المشاركة في الذات
__________________
(١) هو علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، توفي سنة أربع وتسعين وعمره ثلاث وستون سنة.
(٢) هو محمد بن عز الدين بن محمد بن عز الدين الملقب بالمفتي الصغير ، زيدي توفي عام ١٠٥٠ ه من مشايخه أحمد الضمدي وعبد الله المهلا ، وهو شيخ مشايخ الفروع ، ومن طلبته العلامة الحسن بن أحمد الجلال ومؤلف هذا الشرح. ا. ه.
(٣) هذا قول أبي هاشم ومتابعيه ، وحقيقة الصفة الأخص عندهم : هي الصفة الواجبة لله تعالى التي لا يستحقها ـ