فالظاهر أنّ قوله : (عَبَسَ وَتَوَلّٰى)
المراد به غيره ، وقد روي عن الصادق (ع) : ((إنّها نزلت في رجل من بني أُمية ، كان
عند النبيّ (صلىاللهعليهوآلهوسلم)
فجاء ابن أُمّ مكتوم ، فلمّا رآه تقذّر منه وجمع نفسه ، وعبس وأعرض بوجهه عنه ،
فحكى الله سبحانه ذلك وأنكره عليه)).
وروي أنّ العابس هو : عثمان .
ثاني عشر : تمسّكهم بقوله (صلىاللهعليهوآلهوسلم)
: ((إنّكم لتختصمون إليّ ولعلّ بعضكم ألحن بحجّته من بعض ، فمَن قضيت له بشيء من
مال أخيه فلا يأخذه ، فإنّما أقطع له قطعة من النار)) ، وذلك يدلّ على أنّه يقضي
بما لا يكون حقّاً في نفس الأمر.
ولا يخفى تمويه هذا الاستدلال على
الحقيقة ..
* أوّلا : فإنّ تعبيرهم : ((يقضي بما لا
يكون حقّاً في نفس الأمر)) يحمل في طياته شنيع الطعن على مقام النبوة ; فإنّ ميزان
الحكم بالحقّ في باب القضاء هو كون الحكم القضائي قد صدر على الموازين المقرّرة من
قبل الشريعة المقدّسة ، والحكم بالباطل هو الحكم الذي يصدر عن غير الموازين
المقرّرة وإن أصاب الواقع ، كما في الحديث الشريف : ((القضاة أربعة ، ثلاثة في
النار وواحد في الجنّة ... ورجل قضى وهو لا يعلم فهو في النار ، ورجل قضى بالحقّ
وهو يعلم فهو في الجنّة)) .
* ثانياً : إن إصابة البينة للواقع ، أو
موازين القضاء ـ من كيفية صورة النزاع بين الطرفين بحيث يصيغ أحدهما زعمه بصورة
المنكر والآخر بصورة المدّعي ـ وعدم إصابتها ، لا ربط له بحكم الحاكم والتشريع
القضائي نفسه ، أو كون الحاكم ظانّ في حكمه ، أو وصوله للحكم القضائي ; هل هو عن
طريق الاجتهاد والاستنتاج الظنّي ، أم هو عن طريق الإحاطة اليقينية اللدنية بجميع
منظومة التشريعات الشرعية؟!
__________________